مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في أحكام التأمين بين القبائل، والفرق بين تأمين المسلم والحربي]

صفحة 259 - الجزء 1

  بغير حق، ويأخذ له السيِّر يجزعه أينما أراد، ولا يصطى أهل القتيل أن يقتلوا القاتل ومعه رفيق، فهل يجوز للرفيق أن يرفقه؟

  وهل يجوز له المقاتلة معه لأجل تأمينه، أو يحرم لأنه معين على منع أهل القتل حقهم، لأنهم قد استحقوا دمه، فيكون فاعل محظور، ومع أن الرفيق يرفقه وهم يحاربون أهل القتل.

  والصلاة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  

  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

  الجواب وبالله التوفيق: أما إذا كان الأمر كما وصف السائل فإنه لا يجوز للمؤمن أن يؤمن الغاصب أو السارق على ما في يده، لأنه يكون حينئذ فاعل منكر بتقريره على حق الغير، والحيلولة بينه وبين المالك من أخذ حقه، وهذا حيث لم يكن الذي أمنه الإمام.

  فإن كان المؤمِّن هو إمام الحق وجب امتثال أمره وحكمه، لأنه لا يفعل إلا ما هو صلاح، كما نصوا أن له تأخير الحدود والقصاص لمصلحة، بل وإسقاطها للمصلحة الراجحة من سد فتنة أو دفع مفسدة عظيمة، والمال بالأولى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٦].

  وقد كان ÷ همَّ بمصالحة قريش عام الخندق بثلث ثمار المدينة، ولا يهم إلا بما هو حق، وإليه نظر المصالح، كما قال ÷ «لولا أن قومك حديثو عهد بإسلام لغيرت أشياء» ونحو ذلك من الأدلة المتكاثرة كتاباً وسنة، كقوله «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه».

  فما فعله الإمام من المسائل الاجتهادية يجب الجزم بأنه الصواب وأن الصلاح فيه، فإذا عقد الأمان على هذه الكيفية وجب الوفاء به قطعاً، لأدلة الوفاء بالذمة.