مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في أحكام التأمين بين القبائل، والفرق بين تأمين المسلم والحربي]

صفحة 260 - الجزء 1

  وقد ذكر في بيان ابن المظفر في كتاب السير، مسألة: إذا عقد الإمام الصلح مع الكفار أو البغاة فعليه الوفاء به، والكف عن نفوسهم وأموالهم وضررهم وخيانتهم، إلى أن قال: ولا يطالبون في حال الصلح بما معهم من أموال مغصوبة للمسلمين ولا بما عليهم من المظالم - يعني حتى ينقضي وقت الصلح - والصلح والذمة والأمان بمعنى واحد.

  وأما لآحاد الناس فقد ذكرنا آنفاً أنه لا يجوز على الصفة التي ذكرها السائل، لكن يتفرع على ذلك وجوه راجعة إلى باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

  فمنها: إذا كان الآخذ مطلوباً للقتل بغير حق، فإنه يجب على كل مسلم السعي في حفظه وعدم إهداره، لكون الآخذ الذي أخذ لا يوجب القتل، فيكون تأمينه من باب نهي المنكر، ونصرة المسلم المطلوب بغير حق.

  وفي شأن ما في يده إن أمكن أخذه وإرجاعه لمالكه - بعد تحقق كون الحق حقه - وجب، إن كان لا يخشى عليه القتل في تخييره ونحو ذلك، وإلا فمراعاة دفع المفسدة العظمى مثل قتل النفس، أولى وأوجب من دفع المفسدة الصغرى التي هي أخذ المال، مع كون المجوز ما أحله له بل هو على ملك مالكه يتبعه في وقت آخر، فما ظنك إذا كان الحق ما قد تقرر.

  وأما ما ذكره السائل عن حكم الرفق الواقع بين القبائل من كونه قد يقتل ويسترفق فهل يجوز إرفاقه أم لا؟

  فنقول: أغلب ما يكون الرَّفَق بينهم أنه يكون جائزاً، بل قد يكون واجباً، بل قد يجب على جميع المسلمين، لأن هذا الذي قَتَلَ عمداً عدواناً لا يجوز قتله إلا لولي الدم، والغالب أن الذي يريد قتله غير الولي، أو يكون هو الولي لكن لم يحصل له أحد الأسباب المجوزة للقتل، وهي قوله: ولولي الدم إن شاهد القتل أو أقر له أو تواتر له أو حكم له أن يقتص، فقد يكون إنما بلغه من الناس وحينئذ لا يجوز الإقتصاص فيكون دفعه دفعاً للمنكر.