مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[سؤال حول بعض البدع المحرمة]

صفحة 280 - الجزء 1

  الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٦٨}⁣[الأنعام]، وقال تعالى {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}⁣[النساء: ١٤٠]، يقول إن قعدتم معهم فأنتم مثلهم، وموالاتهم والفعل مثل فعلهم أبلغ من القعود معهم، بل الواجب على المسلمين نهيهم وزجرهم.

  وهؤلاء المذكورون في سؤال السائل قد أضافوا إلى تلك العقائد بدعاً أخر، وأقوالاً وأفعالاً خارجة عن قواعد الإسلام، ولا زالت الزيدية وغيرهم من علماء الأمة المحمدية في زجرهم ومكافحتهم ودرئهم، والردودات عليهم، وبيان إبطال مذهبهم، وأن دينهم سراب، وعملهم خراب، ولو لم يكن إلا ما ذكره السائل، وقد تواتر وأُثر عنهم من رفع أصواتهم بالأشعار والألحان، وتعمدهم المساجد التي جعلها الله محلاً للصلاة، قال النبي ÷ «بيوت الله في الأرض المساجد»، فكيف يفعل في بيت الله ما يكرهه الله من غير إذنه، ولو كانوا في السمسرة ما تجاسروا على السمسري أن يفعلوا ذلك، فذلك منكر على منكر.

  قال الحسن البصري ¥ في تفسير قوله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}⁣[الأعراف: ٥٥]، قال: إن الله تعالى يعلم القلب النقي، والدعاء الخفي، أن يكن الرجل قد جمع القرآن وما يشعر به جاره، وساق حتى قال: ولقد أدركنا أقواماً ما كان من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً، ولقد كانوا المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان، إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}⁣[الأعراف: ٥٥]، وقد أثنى الله تعالى على زكريا # {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ٣}⁣[مريم].

  وكذلك غيره من العلماء والأئمة نقموا على هؤلاء المبتدعة، قال بعضهم: وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمد الصراخ والصياح في الدعاء، خصوصاً في المساجد، حتى يعظم اللفظ ويشتد، وتستد المسامع وتشتد، وهذا في الدعاء فما