باب المدبر
  قلت: فإذا ظهرت(١) من المدبر بعد الفسق توبة وقد رده في الرق واشترى غيره فدبره؟
  قال: حال هذا عندي كحال قارن ساق هديه فَضَلَّ عنه فأخلف غيره ثم وجده بعد أن قاد قبله غيره، فله أن ينتفع بأحدهما ويخرج الآخر في واجبه، وكذلك يتم التدبير للآخر منهما.
  قلت: فلم لا يجعل التدبير الأول الثابت؟
  قال: قد انفسخ عنه معنى التدبير بفسقه وإبدال سيده غيره، ووجب التدبير للبدل.
  قلت: فلم لا يجعله كحال من ساق بدنة تطوعاً فَضَلَّتْ فأبدل غيرها ثم وجدها، فوجب عليه أن ينحرهما جميعاً؛ لأن تدبيره للأول كان تطوعاً فيقيس التطوع بالتطوع لا التطوع بالواجب؟
  قال: ليس قياس تطوع هذا المدبر - وإن كان تطوعاً - كقياس من ساق بدنة متطوعاً فضلَّت ثم وجدها.
  قلت: ولم؟
  قال: لأن البدنة لم تحدث ما أحدث العبد من السبب الذي حرم به تدبيره وعتقه، ألا ترى أن العبد الفاسق لا يجوز عتقه عند من عقل عن الله ø وعرف ما أمر به من قوله: {وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ}[المائدة: ٢]، ومن أعتق فاسقاً فقد أعانه على فسقه وعدوانه، فلما كان ذلك في حكم الله سبحانه كذلك، كان تدبير الفاسق فاسداً مفسوخاً، فلذلك لم يلزمه فيهما ما ألزمنا المتطوع بالهدي(٢) وألزمناه ما ألزمنا القارن في هدييه.
  وسألته عن رجل دَبَّر جارية له فولدت وهي مدبرة؟
  قال: الولد تابع لها يكون أيضاً مدبراً.
(١) في نخ (٣، ٥): ظهر.
(٢) بالهديين نسخة (١، ٢).