[المقدمة]
  وكذلك قال فيهم #: «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى»، وقال ÷: «أهل بيتي فيكم كباب حطة فادخلوها»، وَرَهِينُ(١) ويلٍ وهوانٍ لمن تخلف عنهم(٢).
  فرفض أكثر هذه الأمة أهل بيت نبيها، وخالفوهم في أقاويلهم، وضادوهم في العلم الذي أنزله الله جل وعز على نبيه؛ حسداً لهم، وتعدياً عليهم، وقصدوا من خالفهم في الحلال والحرام؛ طلباً منهم للرئاسة(٣)، يحل هذا ما حَرَّم هذا، ويُحَرِّم هذا ما أحل هذا، من ذلك ما قالوا في الطلاق ثلاثة أقاويل؛ فقال بعضهم: الطلاق الثلاث في كلمة واحدة ثلاث، لا تحل للمُطَلِّق حتى تنكح زوجاً غيره، وقال بعضهم: الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، تطليقة واحدة وله عليها الرجعة، وقال بعضهم: إن الطلاق الثلاث في كلمة واحدة باطلٌ كله لا يقع على المرأة منه شيء أصلاً، وشواهد العقول تدل على تناقض قولهم، وأنه لا يخلو أن يكون صنفان من هذه الفرق قد أحَلَّا ما حَرَّمَ اللهُ، وحَرَّمَا ما أَحَلَّ الله.
  وكذلك اختلفوا في البائع إذا اشترط من البيع شيئاً فقال بعضهم: البيع فاسد بالشرط، وقال بعضهم: البيع ثابت والشرط باطل، وقال بعضهم: البيع ثابت والشرط ثابت.
  وكذلك لا بد أن يكون صنفان من هؤلاء قد أخطئا، وأَحَلَّا ما حَرَّم الله، أو حَرَّما ما أحل الله، وغير هذا مما لو كتبناه لطال به الكتاب والشرح، وفي هذا كفاية
(١) يقال: أنا رهين بكذا أي: مأخوذ به. (معجم وسيط). أي: أنه مأخوذ بالويل والهوان.
(٢) قوله: «ورهين قول ... إلخ» ليس في الحديث في المصادر التي لدينا، وقد ذكر اليعقوبي في تاريخه (٢/ ١٤٤) قريباً منه في سياق كلامٍ لأمير المؤمنين # قال فيه: (فأين يتاه بكم، بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟ أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو، ويل رهين لمن تخلف عنهم، إني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل منه نجا، ومن تخلف عنه هلك).
(٣) وفي نخ (٣): الرئاسة.