باب السلم في الفواكه واللحم والبيض والصوف والوبر والشعر والقز والقطن
باب السلم في الفواكه واللحم والبيض والصوف والوبر والشعر والقز والقطن
  قلت: فهل يجوز السلم في الفواكه الرطبة واللحم والصوف والوبر، وما أشبه ذلك؟
  قال: أما الفواكه الرطبة التي تجف وتبقى في أيدي الناس من السنة إلى السنة وأكثر مثل الرمان وما أشبهه فالسلم فيه جائز إذا أراد الرجل ذلك، فأحسن ما عندي في ذلك أن يجرب من ذلك وزن معروف، ثم يسلم المسلم إلى المسلم إليه شيئاً معروفاً في وزن معروف، وأما ما كان من الفواكه التي لا تبقى في أيدي الناس مثل الأترج(١) والسفرجل والبطيخ وما أشبه ذلك، فأحسن ما يعمل في ذلك أن يسلم المسلم فيه ويتحرى وقت مجيئه الذي تأتي فيه هذه الفاكهة، فيكون السلم فيها في كل شهر معروف يأتي فيه صنف من هذه الأصناف ويكون السلم كما وصفنا بالميزان، فإنه أصح، ولو أسلم عدداً فيها لم يجز ذلك؛ لأنها تتفاوت، ولا يسلم في شيء من هذه من مزرعة بعينها ولا شجر بعينه.
  قلت: فلم حددت التحري في هذه الشهور التي يجيء فيها هذه الفواكه؟
  قال: لأن هذه الفواكه تنقطع ولا تبقى في أيدي الناس، فحددنا الوقت الذي تأتي فيه ليصح السلم.
  قلت: فالصوف والوبر والقز، وما أشبه ذلك؟
  قال: السلم في ذلك جائز إذا عرفا الصفة ووقفا عليها بعينها.
  قلت: وكذلك السلم في اللحم؟
  قال: والسلم أيضاً في اللحم جائز إذا اشترط من اللحم النقي ولم يشترط أسمن ما يكون من اللحم؛ لأن ذلك لا يجوز؛ لأنه لا يكون من اللحم سمين إلا وفوقه أسمن منه، فإذا اشترط النقي فهو معروف يصح السلم في ذلك.
(١) الأترنج. نسخ (٥). اهـ قال في لسان العرب: الأُتْرُجُّ: مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ تُرُنْجَةٌ وأُتْرُجَّةٌ ... وَحَكَى أَبو عُبَيْدَةَ: تُرُنْجَةٌ وتُرُنْجٌ، ... والعامَّةُ تَقُولُ أُتْرُنْجٌ وتُرُنْجٌ، والأَول كَلَامُ الْفُصَحَاءِ. (منه باختصار).