باب في الرجل يأتي بالرهن يرهنه فيتلف قبل قبض الراهن المال
  قال: يكون للراهن على المرتهن فضل قيمة الجارية يرده عليه، وهو أربعمائة؛ لأن المائة التي زاد زيادة في حق المرتهن.
  قلت: فإن بعض أهل العراق يقولون: إن المائة الثانية التي زاده إياها لا تدخل في قيمة الجارية، وإن له عليه خمسمائة وافية، ويطالبه بهذه المائة الأخرى؟
  فقال: هذا عندنا قول فاسد لا يصح، وإن طولبوا بالجواب فيه بطل قولهم.
  قلت: وكيف الجواب الذي يطالبون به؟
  قال: يقال لهم: أخبرونا عن الذي قال: زدني على جاريتي هذه وفيها هذه المائة، فزاده إياها وأشهد عليه أنها فيها وعليها، وتراضيا بذلك، ثم إن الراهن أدى إليه خمسمائة وسلمها وقال: ادفع إلي رهني وسلم إلي جاريتي ما الحكم في ذلك بعد أن قد تشاهدا على ذلك ورضيا؟ فإن قالوا: لا يسلمها حتى يأخذ ما قد أشهد به عليه وتراضيا أنه في الرهن ثابت على المرتهن - رجعوا عن قولهم إلى قولنا، وإن قالوا: إن على المرتهن أن يسلم الجارية إليه ولا يحبسها عليه وتكون المائة ديناً بلا رهن - فقد حكموا بغير ما تراضى به المتعاملان، وصار حكمهم على غير الرضا من المتعاملين، والحكم فلا يفارق الشرط، والشرط أملك كما قال النبي ÷ ونقول لهم: ما تقولون إن كانت قيمة هذه الجارية خمسمائة فرهنها الراهن على خمسمائة ثم ازداد مائة فيها(١) بعد ما قد أشهد عليه أن المائة في الرهن، ثم تلفت الجارية، كيف الحكم فيها؟ فلا يجدون بداً من أن يحكموا بأن المائة فضل على الراهن للمرتهن يردها إليه؛ لأنها فضل عن قيمة الرهن، وفضل الرهن مردود للراهن كان أو للمرتهن، فإن حكموا بذلك فقد رجعوا إلى قولنا، وإن زعموا أن المائة التي استزادها الراهن على رهنه ليست تلزم الراهن ولا تكون عليه، لم يحكموا للراهن على المرتهن برد الفضل، وجعلوها ديناً لا تدخل في حساب قيمة الرهن، وفي هذا أيضاً إن حكموا به مخالفة
(١) في نسخة (٥): ثم ازداد منه فيها مائة بعد ما.