المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الاستعانة [في الرهن]

صفحة 435 - الجزء 1

  قال: ذلك شرط باطل لا يصح، وحكم الله أوجب.

  قلت: فإن كان الراهن استعار عبداً من صاحبه، وأمره بتسليمه إلى المرتهن، وأمر المرتهن بقبضه من المعير؟

  قال: الحكم في ذلك أن الفضل مردود إلى من دفع الرهن وهو المستعير، ولصاحب العبد على المستعير قيمة عبده إن مات.

  قلت: كيف يكون لسيد العبد على المستعير القيمة كلها وقد يعلم أنه لا ضمان على المستعير إذا لم يجاوز الشرط الذي اشترط المعير في عاريته؟

  قال: ليس هذا كغيره من العارية، هذا قد لحق فيه قيمة العبد كلها خمسمائة مبتدأة رهنه بها، وخمسمائة لحقها على الراهن من فضل قيمة العبد، فقد استوفى قيمة العبد كلها فعليه أن يردها إلى صاحب العبد، وإنما العارية التي لا تضمن ما لم يرجع منها منفعة على مستعيرها ولم يربح فيها المستعير، وأما هذا فلا يكون كذلك؛ لأن المستعير قد صار إليه العبد كله، فكان قياسه قياس من استعار شيئاً ثم باعه وأخذ ثمنه فالقيمة لسيد الشيء المعير لا المستعير.

  قلت: فما العارية التي لا يجب على مستعيرها رد ثمنها؟

  قال: هو كل شيء استعير لمعنى معروف، فلم يجز المستعير فيه ذلك المعنى، فتلف ولم يصر إلى المعير منه عوض، ألا ترى لو أن رجلاً استعار شيئاً كائناً ما كان لينتفع به في ذات نفسه، ثم إنه أكراه بكرى، ألا ترى أن الكرى لصاحب الشيء لا للمستعير، فافهم المعنى في هذا القياس إن شاء الله.

  قلت: فإن رجلاً رهن عند رجل ثوباً بعشرة دنانير، ثم قال الراهن للمرتهن: أعرني ثوبي هذا، فأعاره إياهُ المرتهن ثوبه، فذهب الثوب، هل تكون العارية تفسخ الرهن؟

  قال: قد زعم غيرنا أن ذلك يفسخ الرهن، ولسنا نقول به ولا نراه؛ لأن الشروط والأصول أولى من الفروع، ولكن نرى إن كان صاحبه المتلف له أن لا