[المقدمة]
  لعلامات الإمامة، وليس هو الساتر لها، العاجز الذي تجري عليه أحكام الظالمين، ولا يجري حكمه على أحد، والإمام الذي يجري حكمه على الظالمين وعلى غيرهم.
  فإن قال: وكيف(١) يجري حكمه على الظالمين وهو ناء عنهم؟
  قلنا: لأن حكمه جارٍ على جميع من نالت يده من أهل الدنيا، وليس يجري عليه هو حكم أحد من الناس، وإنما جرى حكمه على الظالمين لأنهم مقرون أن حكمه حق لا يقدرون على أن يدفعوا ما أظهر الإمام من قطع السارق إذا سرق، وجلد(٢) الزاني إذا زنى، وإقامة الحدود والأحكام، فهم بذلك مقرون غير جاحدين، فبذلك جرى حكمه عليهم بإقرارهم بفعله أنه حق، وإنما أقروا بذلك وعرفوه باظهار الإمام المظهر نفسه، ولو كان مستتراً لم يُعْرَف.
  فلما نظرنا في أن الإمامة لا تجب إلا لمن قام بجميع ما يحتاج إليه الخلق في مصالحهم من أمر دينهم ودنياهم، وأظهر ذلك كما أظهر النبي ÷ النبوءة، ولم يسترها ولم يكتم من الخلق شيئاً - علمنا أن الإمام الذي يستحق الإمامة القائمُ الظاهر الشاهر سيفه، الباذل مهجته، الحاكم بكتاب ربه وسنة جده، فلم نر في عصرنا هذا واحداً فيه هذه الصفة والعلامات إلا يحيى بن الحسن ¥.
  فإن قال: فإني أراه يفعل أفعالاً أنكرها.
  قلنا له: وما أنكرت من أفعاله؟
  فإن قال: مثل العطاء في الأرزاق، أراه يُفَضِّل بعضاً على بعض في العطاء، فيعطي هذا في وقت أكثر من هذا، ثم يعطي في وقت آخر الذي أعطاه أقل أو أكثر، وكذلك أراه إذا جبى(٣) الطعام أخرج منه في بعض الأوقات الربع للفقراء والمساكين الذي أمر الله بإخراجه ثم أراه في وقت آخر لا يخرجه، فمثل هذا أنكرت.
(١) فكيف. نخ (٥).
(٢) وحد. نسخة (٥).
(٣) في نسخة (٣): جاء.