باب فيمن وهب هبة يطلب بها عوضا
  قال: لا؛ لأنها غير قائمة بأعيانها.
  قلت: فإن وهب رجل لرجل ديناً كان له عليه، هل له إلى الرجوع فيه سبيل؟
  قال: لا.
  قلت: ولم ذلك؟
  قال: لأنه مال مستهلك غير قائم بعينه، وكل مال وهب لله أو لصلة رحم فلا سبيل لصاحبه إليه بسبب ولا معنى.
  وسألته عن رجل وهب لرجل داراً أو حانوتاً أو ما أشبه ذلك، ثم باع الواهب الدار أو الحانوت بغير علم الموهوب له، وقبض المشتري ذلك، ثم علم الموهوب له ببيع الواهب، فطالب الموهوب له المشتري، فقال له المشتري: اشتريت هذا من فلان فطالبه أنت بما وهب لك، فليس بيني وبينك مطالبة، ما الحكم في ذلك؟
  قال: إذا ثبتت البينة العادلة بهبة الواهب للموهوب له، طالب الموهوب له المشتري الذي في يده الشيء؛ لأن المطالبة بينه وبين من في يده الشيء الذي وهب له، فإذا حكم له بذلك قبضهُ الموهوب له ورجع المشتري على من غره ببيع ما كان قد وهبه، فافهم ذلك، وقس على هذا الأصل كل ما أتاك من هذا، فلك فيه كفاية إن شاء الله.
  قلت: فإن رجلاً وهب لابنه أو لرجل أجنبي داراً وقبضها الموهوب له، ثم ادعى فيها رجل نصفها أو ربعها وأثبت على ذلك بينة فاستحق ما شهد له به، وقبضه بحكم حاكم، هل يجب للموهوب له على الواهب يرتجع بشيء مما استحق منه؟
  قال: لا يجب على الواهب شيء، إلا ما كان له في الدار لا غير.