باب الوصية
  قال: أما الوديعة وما أقر به من الدنانير فإن كان يعلم منه أنه لم يدفر(١) عن ورثته مورثاً بما قال لزم الورثة ما أقر به، وإما إذا قال: فلان ابن عمي وارث وموروث، قال: ينظر فيما قال، فإن كان لم يرد بما قال ظلماً ولا حيفاً وإنما أقر به لعلمه ثبت ما قال.
  قلت: فإن قال المقر به: ليس كما قال: إني ابن عمه؟
  قال: يبطل الإقرار به.
  قلت: فإنه سكت لما أقر به الرجل حتى مات وأخذ ميراثه فلما حضرته الوفاة قال: ليس فلان ابن عمي، ولا لورثته مني ميراث، هل يرجع ورثة الأول المقر بما أخذ المقر به على ورثته؟
  قال: نعم.
  قلت: فإنه لما برأ جحد ذلك كله؟
  قال: لا يلتفت بعد إقراره إلى ما قال إذا تيقن أن الذي قال عند الإقرار حق.
  قلت: فإنه لما مرض قال: عندي لمرتي صداق كذا وكذا ديناراً، ولمرتي الأخرى عندي كذا وكذا، وهذه العشرون ديناراً لبنتي عندي وديعة، أو(٢) لفلان، ولم يخلف غير العشرين ديناراً؟
  قال: إن علم منه أن الذي قال حق لم يدفر عن الورثة بذلك حقاً، ثبت ما قال.
  وسألته عن رجلين خرجا في بعض الأسفار، فمات أحدهما ولم يوص إلى الآخر، فتبرع الآخر فكفنه كفناً كثير الثمن، فلما رجع قال الورثة: لم نرض أن تكفنه بمثل هذا الكفن؛ لأن ماله لا يحتمل؟
  قال: ينظر إلى كم يحتمل المال مما يكفن به مثله، ثم نظر إلى الكفن الذي كفنه به الرجل، فإن كان أسرف ألزم باقي ما كفن به الرجل.
(١) الدَّفْر: بفتح فسكون: الدفع في الصدر والمنع، يمانية. (تاج العروس).
(٢) في النسخ: ولفلان. والمثبت من نخ (٥).