مسألة: في رجل باع جارية وقبضها المشتري ثم ادعى البائع بعد ذلك أنها أم ولد أو مدبرة
  أوجبنا عليه اليمين في ذلك ولم يلزمه ما قال، إذا حلف أنه لم يطلق.
  قلت: وكذلك لو أنه قال: قد أعتقت عبدي، ثم رجع فقال: لم أعتقه، وقد سمع منه رجلان هذا القول؟
  قال: الجواب في هذا كله واحد.
  قلت: فبين لي أمر الإقرار، وما يقال فيه للرجل إذا رجع، وما لا يقال فيه إذا لم يرجع؟
  قال: أبين ذلك لك بأصل واحد تفهمه، اعلم أن كل إقرار يقر به رجل ثم ينكره يحتاج فيه الحاكم إلى أن يعظ المقر به ويخوفه بالله، ويأمره بالرجوع فيه إلى الحق فهو مما يديّن فيه، فهذا إقرار يُقَال صاحبه ويستحلف على ما أنكره ويدين فيما بينه وبين الله. وكل إقرار يحتاج فيه الحاكم أن يعظ صاحبه ويخوفه، فهذا ما لا يُقَال صاحبه، ولا ينظر إلى رجوعه، ويحكم بظاهر إقراره.
  قلت: بين لي ذلك حتى أفهمه؟
  قال: قد بينته لك فيما سألت عنه، في مثل رجل يقول: قد طلقت زوجتي أو أعتقت غلامي أو ما أشبه ذلك، ويشهد عليه بهذا القول، ثم يقول بعد ذلك: لم أنو بذلك طلاقاً ولا عتاقاً، فيدين في قوله فيما بينه وبين الله بعد أن يخوفه ويعظه الحاكم، وإن ثبت على قوله ما نويت بذلك طلاقاً ولا عتاقاً، استحلف على ما قال.
  وأما الذي لا ينظر في قوله إذا أقر به فهو أن يقول: لفلان علي ألف درهم، أو لفلان عندي وديعة كذا وكذا يسميها، وما أشبه ذلك، ويشهد عليه بإقراره، ثم يجحد بعد ذلك - فهذا ما لا ينظر في قوله إذا شهد عليه بذلك الشهود، ويحكم عليه بما أقر به على نفسه إذا ادعى الذي أقر له بالمال عليه ما أقر به على نفسه فهذا قولنا. وقد قال غيرنا: إن هذا كله واحد يلزمه فيه ما أقر به، وعندنا في ذلك فرق بين وشرح.