مسألة:
  فقال: قد قال غيرنا: إن صاحب الدين مخير إن أراد أن يطالب مشتري الضيعة طالبه، وإن أراد أن يطالب الورثة طالبهم بما كان على أبيهم من الدين له.
  وأما قولنا: فدين الرجل في عين مال صاحبه الميت حيث كان، فإذا وجده في يد رجل طالبه، فإذا ثبتت له البينة حكم له الحاكم بدينه في مال صاحبه، وارتجع المشتري على الورثة الذين باعوه بالثمن.
  قلت: فإن الدين الذي كان عشرين ديناراً والضيعة التي باعها الورثة بخمسين ديناراً، هل لصاحب الدين أيضاً أن يطالب المشتري فيأخذ من مال صاحبه الذي في يد المشتري بقدر دينه، أم يطالب الورثة بالدين؟
  فقال: قدمنا جواب ذلك أن الدين في عين مال الميت يقبضه صاحبه من المال.
مسألة:
  وسألته عن رجل مات وخلف مالاً وعليه دين لرجل غائب، والذي خلف من المال مائتا دينار، والذي عليه من الدين للرجل الغائب عشرون ديناراً؛ هل يعزل الدين لصاحبه ويقتسم الورثة باقي المال أم كيف العمل؟
  قال: قد قال غيرنا: إنه إن كان الذي خلف نقداً أو عرضاً لم يجز أن يعزل للغريم من ذلك بقدر حقه ويقتسم الورثة باقي ذلك مخافة أن يتلف ما عزل للغريم من ذلك، فإن كان ما خلف عقاراً فعزل له من ذلك بقدر حقه كان ذلك جائزاً؛ لأن النقد والعرض قد يتلفان، والعقار لا يتلف عن موضعه.
  وأما قولنا: فلسنا نميز كما ميزوا ذلك، وكل ذلك عندنا سواء؛ فإذا عزل للغريم من ذلك وفاء بقدر حقه جازت القسمة للورثة، ولم ينتظر بذلك قدوم الغريم؛ لأن ذلك مضرة بالورثة.
  قلت: فإن تلف ما عزل للغريم من ذلك ما العمل في ذلك؟
  قال: إذا عزله حاكم من حكام المسلمين ورأى أن في ذلك الصلاح ووضعه عند ثقة من ثقات المسلمين - جاز عزله، فإن تلف لم يرجع صاحبه على أحد بشيء.