أقسام الأفعال:
  فإن وجدت الفعل يقع بحسب قصده ودواعيه، وينتفي بحسب كراهته وصارفه، حكمت بأنه فعل له على الخصوص. والطريقة الثانية، هو أن تعلم أن هذا المقدور لا يجوز أن يكون مقدورا للقادر بالقدرة، فيجب أن يكون مقدورا للقادر لذاته وهو اللّه تعالى.
  ثم إنه ¦ لما ذكر في حقيقة الفاعل القادر، سأل نفسه على ذلك فقال: كيف يصح ذلك وفي الناس من ذهب إلى أن الفعل إنما يقع بطبع المحل، أو بقوة له غالبة، على ما ذكر عن الأوائل من المتفلسفين؟.
  والجواب عن ذلك أن الطبع غير معقول، وقد تقدم ذلك. ثم يقال لهم: ما تريدون بالطبع؟ فإن أردتم به الفاعل المختار، فهو الذي نقوله، ولكن العبارة فاسدة، لأن العرب لا تسمى الفاعل المختار طبعا، وإن أردتم به أمرا موجبا، فإنا قد ذكرنا أن الفعل إنما يصدر عن الجملة، فالمؤثر فيه لا بد من أن يكون راجعا إلى الجملة.
  ثم إنه | لما ذكر حقيقة الفعل، ورأى أن الأفعال فيها ما يستحق عليه المدح والثواب، وفيها ما يستحق عليه الذم والعقاب. وفيها ما لا يستحق عليه واحد منهما، تكلم في أقسام الأفعال.
أقسام الأفعال:
  وجملة الكلام في ذلك أن الفعل ينقسم إلى: ما له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه، وإلى ما ليس له صفة زائدة على ذلك. ما لا صفة له زائدة على حدوثه وصفة جنس، فهو كالحركة اليسيرة والكلام اليسير، وذلك إنما يقع من الساهي ولا مدح فيه.
  وما له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه، فهو فعل العام بما يفعله.
  وذكر في الكتاب، أن العالم بما يفعله، المميز بينه وبين غيره، لا يخلو فعله من أحد وجهين، إما أن يكون له فعله، أو لا يكون له فعله، ولم يعتبر في ذلك زوال الإلجاء، واقتصر على اعتبار زوال الشهوة.
  والأولى أن يعتبر زوال الإلجاء أيضا.
  فالقسمة الصحيحة في ذلك أن يقال: إن فعل العالم بما يفعله المميز بينه وبين غيره إذا لم يكن ملجأ لا يخلو من أمرين: إما أن يكون له فعله، أو لا. فإن كان له فعله فهو الحسن، وهو ما لفاعله أن يفعله ولا يستحق عليه ذما. وإن لم يكن له فعله، فهو القبيح، وحده وحقيقته قد تقدم.