شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

المجبرة على فرقتين:

صفحة 268 - الجزء 1

  ومتى لم نعلمه على هذه الصفة لم نعلم قبحه وإن علمنا ما علمنا. فبان أنه إنما يقبح لكونه تكليفا لما لا يطاق.

المجبرة على فرقتين:

  ١ - القدرة مقارنة وغير صالحة للضدين.

  ٢ - القدرة مقارنة وصالحة للضدين:

  واعلم أن المجبرة على فرقتين:

  فرقة تقول: إن القدرة مقارنة لمقدورها غير صالحة للضدين، والكلام عليهم ما تقدم.

الأدلة على عدم جواز مقارنة القدرة لمقدورها، سواء كانت قادرة على الضدين أو غير قادرة:

  وفرقة تقول: إن القدرة مقارنة لمقدورها صالحة للضدين، وهذا إنما أخذوه عن ابن الراوندي، ظنا منهم أنه ينجيهم عن ارتكاب القول بتكليف ما لا يطاق. ولا فرج لهم عن ذلك أيضا، لأن القدرة إذا كانت مقارنة لمقدورها صالحة للضدين، يجب أن يوجد من الكافر الكفر والإيمان معا، أو يكون تكليفه بالإيمان تكليفا بما لا يطاق، وأي القولين كان فهو فاسد.

  وبعد، فإن قولهم إن القدرة مقارنة لمقدورها صالحة للضدين متناقض، لأنا إذا قلنا إن القدرة صالحة للضدين فإنما نعني به أنه يصح من القادر أيهما شاء، وذلك يقتضي تقدمها، وهذا مع القول بأن القدرة مقارنة لمقدورها مما لا يتأتى، فتناقض.

  وبعد، فلو كانت القدرة صالحة للضدين على ما ذكروه، لكان لا يكون أحد الضدين بالوقوع أولى من صاحبه إلا بأمر ومخصص، وليس هاهنا أمر يمكن الإشارة إليه، فيجب القول باجتماع الضدين، وذلك محال.

  فإن قال: كما لا يلزمكم على القول بأن القدرة صالحة للضدين أن يجتمع الضدان، كذلك لا يلزمنا.

  قلنا: إنكم جعلتم القدرة موجبة لمقدورها مقارنة له فيلزمكم ذلك ولا يلزمنا لأنا