شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فرق آخر بين الكافر العاجز:

صفحة 273 - الجزء 1

  والتخلية؟.

  وأما الممنوع فإنه يستعمل فيمن يكون قادرا ثم يتعذر عليه الفعل لأمر من الأمور على وجه لولاه لصح منه ذلك الفعل وحالته تلك، والعاجز غير قادر على الإيمان البتة، فكيف يصح وصفه بالمنع؟.

  وبعد، فلو كان العاجز ممنوعا لأن فيه ضدا واحدا، فبأن يكون الكافر ممنوعا وفيه أربعة أضداد وهي: الكفر والقدرة الموجبة له وإرادة الكفر والقدرة الموجبة لها، أولى وأوجب.

فرق آخر بين الكافر العاجز:

  فرق آخر، الكافر لو شاء لآمن وليس كذلك العاجز. قلنا: الإيمان لا يفعل بالمشيئة وإنما يفعل بالقدرة، والكافر لم يعط القدرة كالعجز سواء. وأيضا فليس بأن يقال: الكافر لو شاء لآمن، أولى من أن يعكس فقال: بل لو آمن لشاء إذ لا تأثير للمشيئة والاختيار فيه، وإنما يقع الإيمان بالقدرة الموجبة عندهم. ثم يقال لهم: ما تريدون بقولكم إن الكافر لو شاء لآمن، فإن أردتم به أنه لو شاء لآمن مع الكفر وقدرة الكفر وإرادة الكفر والقدرة الموجبة لإرادة الكفر، فذلك لا يصح لاجتماع المتضادات.

  وإن أردتم به أنه لو شاء لآمن بشرط أن لا يكون كان فيه هذه الأشياء، وكان بدلها أضدادها، فذلك تجويز البدل عن الموجود، وتعليق وجود الشيء بانتفاء أمر قد وجد على ما مر في نظائره، فلا يصح.

  وبعد، فإن هذه العبارة إنما تستعمل في القادر على الشيء، حتى لا يقال في الزمن لو شاء لسعى، ولا في مقصوص الجناح لو شاء لطار، لفقد القدرة فيهما، والكافر غير قادر على الإيمان، فكيف يصح أن يقال لو شاء لآمن!.

  وأيضا، فإن الكافر إذا لم يقدر لا على الإيمان ولا على مشيئة الإيمان، فقولكم: إنه لو شاء لآمن، يجري مجرى أن يقال لو قدر على المشيئة لقدر على الإيمان، وهذا لا يغني ولا يقع به الفرق بينه وبين العاجز.

  وأيضا، فإن هذا ثابت في العاجز، لأنه من الممكن أن يقال: لو شاء لآمن، بشرط أن لا يكون كان فيه العجز وكان بدله القدرة، فكيف يقع الفرق!.

  وأيضا، فإن قدرة الإيمان منفصلة عن قدرة مشيئة الإيمان، فجوزوا أن يخلق في