شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

صور ذكرها مشايخ القاضي:

صفحة 279 - الجزء 1

  بالموجود، لوجب أن تتعلق أيضا قدرة اللّه تعالى به، فكان يجب صحة أن يوجد أحدنا وهو بالري في الحالة الثانية بالصين، ومعلوم خلافه.

  وأيضا، فلو كانت قدرتنا تتعلق بالموجود لوجب مثله في قدرة اللّه تعالى، وذلك يوجب قدم العالم أو أن يكون القديم قادرا بقدرة محدثة، وأي ذلك كان فهو محال وهذا لأن قدرته إن ثبتت جلّ وعزّ قديمة في ما لم يزل وهي لا تتعلق إلا بالموجود، وجب وجود العالم في ما لم يزل، وفي ذلك قدمه. وإن لم تثبت قدرته في ما لم يزل، وجب كونه قادرا بقدرة محدثة على ما ذكرناه.

  فإن قيل: ولم قلتم: إن هذه القضية لو وجبت في قدرتنا لوجبت في قدرة اللّه تعالى؟ قيل له: لأن ما كان في حكم الصفة، لا يختلف الحال فيه بحسب اختلاف الموصوفين بها: ألا ترى أن علمنا لما كان من حقه أن يتعلق بالشيء على ما هو به، كان علم اللّه تعالى بهذه المنزلة.

  فإن قال: إنما وجبت هذه القضية في الشاهد لأن صفتنا بالقدرة مستندة إلى معنى وليس كذلك سبيل القديم فإنه قادر لذاته، قلنا: إن ما كان في حكم الصفة لا يختلف الحال فيه سواء استندت إلى علة أو لم تستند إلى علة، فإذا كانت القدرة لا تتعلق إلا بالموجود، فكذلك كونه قادرا إذا ثبت أن هذا من حكم الصفة في الشاهد، وكذلك في الغائب.

صور ذكرها مشايخ القاضي:

  وقد ذكر مشايخنا لهذه المشكلة صورا يظهر الكلام عندها، فقالوا: من قدر على أن يطلق امرأته لا يخلو؛ إما أن يكون قادرا على ذلك قبل وقوع الطلاق، أو حال وقوع الطلاق. فإن قدر على ذلك قبل وقوع الطلاق فهو الذي نقوله، وإن قدر عليه حال الوقوع فالطلاق واقع ولا يحتاج إلى القدرة.

  وربما قالوا: من قدر على إلقاء العصا من يده فلا يخلو؛ إما أن يقدر عليه قبل وقوع الإلقاء، أو حالة الوقوع. فإن قدر قبل الإلقاء فهو الذي نقوله، وإن قدر عليه حال الإلقاء فالعصا ملقاة فلا يحتاج إلى القدرة.

  وربما قالوا: القادر على أن ينتقل من الشمس إلى الظل لا يخلو حاله من أحد أمرين: إما أن يقدر عليه قبل الانتقال أو حالة الانتقال. فإن قدر عليه قبل الانتقال فهو