شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

الكلام على الأشعرية:

صفحة 301 - الجزء 1

  ضدين أن اللّه تعالى يريد أحدهما، ثم كونه مريدا لأحدهما يحيل كونه مريدا لضده.

  هذا هو الكلام على النجارية.

الكلام على الأشعرية:

  وأما الكلام على الأشعرية حيث قالت: إنه تعالى مريد بإرادة قديمة فهو أن نقول:

  لو كان القديم تعالى مريد بإرادة قديمة، لوجب أن تكون هذه الإرادة مثلا للّه تعالى، لأن القدم صفة من صفات النفس، والاشتراك فيها يوجب التماثل، ألا ترى أن السود لما كان سوادا لذاته، وجب في كل ما شاركه في كونه سوادا أن يكون مثلا له، ولأنه كان يجب أن يكون هذا المعنى عالما قادرا حيا مثل القديم تعالى، لأن الاشتراك في القديم يوجب الاشتراك في سائر صفات النفس، وقد عرف فساده.

  وبعد، فإن تلك الإرادة القديمة كالإرادة المحدثة، في أن لا تتعلق بأزيد من متعلق واحد مع طريق التفصيل، فكان يجب أن لا يكون للّه تعالى إلا مراد واحد.

  يحقق ذلك أنه لا يخلو، إما أن يكون القديم تعالى مريدا بإرادة واحدة، أو بإرادات منحصرة، أو بإرادات لا نهاية لها.

  لا يصح أن يكون مريدا بإرادات لا نهاية لها، لأن وجود ما لا يتناهى محال.

  وإذا كان مريدا بإرادة واحدة أو بإرادات منحصرة لزم أن تكون مراداته منحصرة، حتى لا يصح أن يريد أزيد من ذلك، وقد عرف خلافه.

  وعلى الجملة، فكل ما ألزمناه النجارية على القول بأنه تعالى مريد لذاته من اجتماع الضدين وغير ذلك من الوجوه، فهو لازم لهؤلاء أيضا.

لم لا يكون اللّه مريدا بإرادة معدومة؟

  فإن قيل: قد علمتم أنه تعالى لا يجوز أن يكون مريدا لذاته ولا لمعنى قديم، فما دليلكم على أنه تعالى لا يجوز أن يكون مريدا بإرادة معدومة.

  قلنا: الذي يدل على ذلك هو أن العدم لا اختصاص له ببعض المرادات دون البعض، فكان يجب أن يكون القديم تعالى مريدا لسائر المرادات لمكان ذلك المعنى المعدوم، ومعلوم خلافه، لأن في العدم كراهة، كما أن فيه إرادة، فلو جاز أن يكون