أقوال المرجئة وغيرهم:
  من الآيات.
  وقد اتصل بهذه الجملة الكلام في حقيقة الإيمان.
  وجملة ذلك، أن الإيمان عند أبي علي وأبي هاشم عبارة عن أداء الطاعات، الفرائض دون النوافل واجتناب المقبحات، وعند أبي الهذيل عبارة عن أداء الطاعات، الفرائض منها والنوافل واجتناب المقبحات، وهو الصحيح من المذهب الذي اختاره قاضي القضاة.
  والذي يدل على صحته هو أن الأمة اتفقت على أن ركعتي الفجر من الدين، وإذا ثبت أنه من الدين ثبت أنه من الإيمان، لأن الدين والإيمان واحد. وقد احتج أبو علي وأبو هاشم لما ذهبا إليه بأن قالا: لو كانت النوافل من الإيمان لكان يجب إذا ترك المرء نافلة وأخل لها أن يكون تاركا لبعض الإيمان ويصير بذلك ناقص الإيمان غير كامله، وقد عرف خلافه.
  وجوابنا عن ذلك أن هذا لا يصح، لأنه إنما لم يجب أن يجري عليه هذا الاسم ويقال تارك للإيمان أو أنه غير تارك الإيمان أو أنه غير كامل الإيمان، لأنه يوهم الخطأ ويقتضي أن يكون مستحقا للذم، حتى أنه لو لم يقتض ذلك جاز أن يوصف به تارك النوافل، فسقط ما قالاه. يبيّن ذلك ويوضحه، أن البر والتقوى يقعان على الطاعات جملة الفرائض منها والنوافل، ثم ليس يجب إذا أخل المرء بالنافلة أو تركها أن يقال إنه غير كامل التقوى وأنه ناقص البر، لا لوجه سوى ما أشرنا إليه من أن ذلك يوهم استحقاقه للذم واللعن، كذلك هاهنا، فهذا هو حقيقة الإيمان عندنا.
أقوال المرجئة وغيرهم:
  وقد ذكر | بعد ذلك ما يقوله المرجئة وغيرهم في حقيقة الإيمان.
  وجملة ذلك، أن كلام المخالفين في حقيقة الإيمان مختلف:
  فعند النجارية وجهم، أن الإيمان هو المعرفة بالقلب وذلك مما لا يصح، لأنه لو كان كذلك لكان يجب في من علم اللّه تعالى وجحده أو لم يجحده ولم يأت بشيء من الفرائض، وتعدى حدود اللّه تعالى أن يكون مؤمنا، وقد عرف خلاف ذلك.
  وعند الكرامية أن الإيمان إنما هو الإقرار باللسان. وهذا يوجب عليهم أن يكون المنافق الذي يظهر الإسلام بلسانه ويقر به مؤمنا، ومعلوم من دين النبي ﷺ ودين الأمة