إثبات حدوث الأعراض
  وأما إذا لم يكن مدركا، فمن شأنك أن تثبته على طريق الجملة والتفصيل جميعا.
  والطريقة فيه، أن نعرض الكلام في واحد منها وهو الشهوة مثلا، فنقول: إن الواحد منا حصل مشتهيا مع جواز أن لا يحصل مشتهيا، والحال واحدة، والشرط واحد، فلا بد من مخصص له ولمكانه حصل مشتهيا وإلا لم يكن بأن يحصل على هذه الصفة أولى من أن لا يحصل على خلافها، وليس ذلك الأمر إلا وجود معنى وهو الشهوة. وإنما قلنا بأن هذا هكذا لأنه لا يخلو؛ إما أن يكون ذاته، أو ما هو عليه في ذاته، أو غيره. لا يجوز أن يكون ذاته أو ما هو عليه في ذاته، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون مشتهيا في حالة العدم، بل يكون مشتهيا أبدا وذلك مستحيل. وإن كان غيره فلا يخلو؛ إما أن يكون تأثيره على طريق التصحيح، أو على طريق الإيجاب. لا يجوز أن يكون تأثيره على طريق التصحيح، لأن التأثير على هذا الوجه إنما يكون للفاعل وكونه مشتهيا لا يتعلق بالفاعل، فلم يبق إلا أن يكون تأثيره على طريق الإيجاب، وهو المعنى الذي نقوله.
  وبهذه الطريقة نثبت ما عداها من الأعراض نحو الحياة والقدرة وغيرهما.
إثبات حدوث الأعراض
  فصل: وأما حدوثها، فالذي يدل عليه هو ما قد ثبت أنه يجوز عليها العدم والبطلان، والقديم لا يجوز عليه العدم والبطلان.
  وهذه الدلالة مبنية على أصلين: أحدهما، أن الأعراض يجوز عليها العدم؛ والثاني، أن القديم لا يجوز عليه العدم.
  أما الدليل على أن الأعراض يجوز عليها العدم فهو ما ثبت أن المجتمع إذا افترق بطل اجتماعه، وأن المتحرك إذا سكن بطلت حركته، وفي ذلك ما نريده.
  وأما الدليل على أن القديم لا يجوز عليه العدم، فهو ما قد ثبت أن القديم قديم لنفسه، والموصوف بصفة من صفات النفس لا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال.
إثبات أنها تحتاج لمحدث
  وإذ قد عرفت حدوثها، فالذي يدل على أنها تحتاج إلى محدث وفاعل، فهو ما قد ثبت أن تصرفاتنا في الشاهد محتاجة إلينا ومتعلقة بنا، وإنما احتاجت إلينا لحدوثها،