شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

التوحيد في اصطلاح المتكلمين:

صفحة 80 - الجزء 1

  واحد، فصار ذلك كالإثبات، فإنه في أصل اللغة عبارة عن الإيجاب، يقال أثبت لهم في القرطاس، أي أوجدته فيه. ثم يستعمل في الخبر عن وجود الشيء، فيقال إن فلانا يثبت الأعراض أي يخبر عن وجودها. لما لم يكن الخبر عنها صدقا إلا وهي موجودة.

التوحيد في اصطلاح المتكلمين:

  فأما في اصطلاح المتكلمين، فهو العلم بأن اللّه تعالى واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفيا وإثباتا على الحد الذي يستحقه والإقرار به. ولا بد من اعتبار هذين الشرطين: العلم، والإقرار جميعا. لأنه لو علم ولم يقر، أو أقر ولم يعلم، لم يكن موحدا.

علوم التوحيد وما يلزم المكلف منها:

  وأما علوم التوحيد، فلا مزيد على ما أورده في الكتاب. غير أنا نورده على هذا ليكون أسهل للحفظ، وأقرب إلى الضبط، فنقول:

  ما يلزم المكلف معرفته من علوم التوحيد هو، أن يعلم القديم تعالى بما يستحق من الصفات، ثم يعلم كيفية استحقاقه لها، ويعلم ما يجب له في كل وقت، وما يستحيل عليه من الصفات في كل وقت، وما يستحقه في وقت دون وقت، ثم يعلم أن من هذا حاله، لا بد من أن يكون واحدا لا ثاني له يشاركه فيما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتا على الحد الذي يستحقه.

ما يستحقه من الصفات:

  أما ما يستحقه من الصفات فهو الصفة التي بها يخالف مخالفة ويوافق موافقة لو كان له موافق تعالى عن ذلك، وكونه قادرا، عالما، حيا، سميعا، بصيرا، مدركا للمدركات، موجودا، مريدا، كارها. هذا عند أبي هاشم. وأما أبو علي، فإنه لا يثبت تلك الصفة الذاتية.

  فأما كيفية استحقاقه لهذه الصفات، فاعلم: أن تلك الصفة التي يقع بها الخلاف والوفاق يستحقها لذاته، وهذه الصفات الأربع التي هي كونه قادرا عالما حيا موجودا لما هو عليه في ذاته، وكونه مدركا لكونه حيا بشرط وجود المدرك، وكونه مريدا وكارها بالإرادة والكراهة المحدثتين الموجودتين لا في محل.