مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في بعض شؤون القبائل]

صفحة 106 - الجزء 1

  قد اطلعنا على السؤلات في هذه وما ذكره السائل من شرح أحوال الناس، والنظر في كيفية المخرج من تلك الورط، وكيف يكون العمل لمن أراد النجاة، ومطابقة رضا مولاه، فنقول:

  لاشك أن أكثر اعتماد القبائل على الطاغوت الممقوت، والقواعد والأعراف الباطلة، لكن هم في عملهم والمتاخم لهم يفعل المستطاع من النهي والتصليح، ولكنا نقول وإن كانت بعض أمورهم باطلة لكنهم إذا ترافعوا إلينا، أو إلى أحد حكامنا في شيء قد فعلوه، ويطلبون إيجاد حكم الشريعة فيه، تحتم علينا أن نحكم بينهم بما أنزل الله تعالى غير معولين على قواعدهم وأعرافهم، بل ما كان حكم ذلك الشيء في الشريعة المطهرة حكمنا به رضوا أم لم يرضوا، وقد يكون بعض القواعد منها ما يرجع إلى الشريعة فيلزمون به، لأن الرّد إلى الشريعة واجبٌ في كل دقيقة وجليلة.

  ومثل ما ذكره السائل من قواعد الصحب بين القبائل: فما كان راجعاً إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو جائز، كما قاله ÷ في حلف الفضول «لو دعيت إلى مثله لأجبت»، وما كان يرجع إلى الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، وقتل النفوس المحرمة، وقطع ما أمر الله به أن يوصل ونحو ذلك، فلا، ولا كرامة، بل إن كان أحد غرم مع صاحبه غرماً مالياً تحتم عليه المكافئة، أو رد مثل ما سلم سواءً كانت قواعد أسواق أو غيرها، فلو تحاكموا إلى الشريعة مثلاً في قتيل وقع قضاء وهو غير القاتل، فعلى الحاكم أن يحكم بوجوب القصاص فيه، أو الدية، والمقتول الأول باقٍ، لأن قتل غير القاتل ظلم ولو تراضوا به.

  وأما المسألة الثانية: وهي مسألة الربخة، فلا مطابقة فيها للشريعة، لأن فيها الإجبار على الواجب لو فرضنا وجوب الضيافة، وهي من خواص الإمام، وقد يأذن ويرى في ذلك صلاحاً، ولكن لأناس مؤتمنين، وفيها أيضاً إلزام الضيافة على الميت في ماله، وهذا خلاف الشريعة بل الضيافة على الأحياء كل على قدر حاله والمال للورثة.