مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

المسائل المتعلقة بأحكام الإمامة

صفحة 151 - الجزء 1

  فأجاب الإمام المهدي لدين الله رضوان الله تعالى عليه:

  

  وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطاهرين

  وسألت أرشدنا الله وإياك عن جواز إمامين في عصر واحد هل يجوز أم لا؟ وقول من قال بالجواز مطلقاً، أو بشرط تباعد الديار، وما حكي عن بعض الأئمة والعلماء من المنع والتجويز، وما حكاه في المقصد الحسن، وأدلة الفريقين، وما الراجح المعمول عليه.

  فنقول: اعلم أن الإمامة الشرعية خلف النبوة في الوجه الذي وجبت لأجله، وهي مسألة عظيمة الشأن، ساطعة البرهان، من أصول المسائل المبتني عليها كثير من الشرعيات والوسائل، وقد أثنى الله تعالى في كتابه العزيز على القائم بها تعبداً واحتساباً، الكامل بأوصافها خلقاً وخلقاً وانتساباً، فقال عز من قائل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}⁣[فاطر].

  فالسابق: هو الإمام الكامل الجامع للشروط.

  والمقتصد: هو المحتسب العادل مع خلو الإمام.

  والظالم لنفسه: هو الجائر.

  ثم قال بعد ذلك {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...} إلخ [فاطر: ٣٣]، وقال تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة].

  وأما إنه يصح إمامان في عصر فلا يخلو، إما أن تتباعد الديار كما بين الهادي والناصر @، فالخلاف في ذلك أشهر، والراجح المنع لإمكان أخذ الولاية، وقيام الأدلة الآتية على المنع مطلقاً، وقد يرجح الجواز لكمال المصالح، وقد بنيت الشريعة عليها، ولأنه قد يتعسر أخذ الولاية في كل مسألة مسألة.