المسائل المتعلقة بأحكام الإمامة
  وأما أن تتقارب الديار ويكونا في قطر واحد فهذا محل السؤال، وهو ممنوع بالأدلة القطعية، وإن كان قد حكى ذلك في الجامع الكافي فالرواية مغمورة أو محمولة على تباعد الديار، وإنما نزهنا القائل بها لأنها مخالفة للقواطع كما نبينه.
  فمن ذلك: انعقاد الإجماع في الصدر الأول من الصحابة والتابعين على المنع، حتى قال عمر: سيفان في غمد لا يصلحان، بمحضر من الصحابة وعلم به الآخرون ولم ينكروا ذلك فكان إجماعاً، حكاه الإمام يحيى # في الإنتصار وغيره.
  والدليل على أنه إجماع قطعي: أنه ارتكز في عقول القدماء الحظر والمنع عن إمامين، فلهذا تنازعت الأمة فيمن هو الإمام بعد رسول الله ÷، ولم يقل أيهم بأن علياً # وأبا بكر كانا إمامين معاً، وقد كاد أن يبلغ الحال إلى المحاربة، فلو كان جائزاً عدلوا إليه.
  وكذلك فإن الثلاثة المعصومين المنصوص عليهم وهم علي وولداه $، لم يكن للحسن ولاية مع أبيه، ولا للحسين ولاية مع أخيه، وهذا معلوم قطعاً يعلمه كل من تاخم السير، فلو كان ذلك جائزاً لكانوا أحق به لمكان العصمة المانعة عن التعدي المفقودة في سائر الآحاد، ما ذاك إلا لاعتقادهم المنع، وإلا فقد عمهم النص المعلوم.
  ومما يدل على اعتقادهم القطعية: أن مصالحة الحسن # لمعاوية - لعنه الله - انطوت على أنه الإمام بعده، فلو كان يصح إمامان لوقع الصلح على إمامتهما معاً، وهذا إنما هو لبيان ارتكاز ذلك في أذهانهم، وإلا فإمامة معاوية - لعنه الله - باطلة، وعن الدين عاطلة.
  وكذلك علم المنع عند من بعدهم فهذا سيد العترة الإمام زيد بن علي # لما دعا قالت الرافضة: إن ابن أخيك جعفراً هو الإمام؛ فقال #: إن قال هو الإمام فأنا أبايعه؛ فقالوا: إنه يداريك، فقال: سبحان الله، إمام يداري،