مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

المسائل المتعلقة بأحكام الإمامة

صفحة 155 - الجزء 1

  رِيحُكُمْ}⁣[الأنفال: ٤٦]، وقوله تعالى {وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}⁣[الشورى: ١٣]، أي في الدين، والكتاب والسنة مشحونان من هذا القبيل كقوله # «يد الله مع الجماعة، ومن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه».

  ولأن الحق إنما هو واحد في الأصوليات بالإجماع المعتد به، فكيف يقال هذا على حق وهذا على حق، والله تعالى يقول {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}⁣[يونس: ٣٢].

  ودليل آخر واضح جلي، لمن طلب رضا الملك العلي: وهو أن الإمامة مشتملة على ما هو محرم على غير الإمام قطعاً، وذلك مثل الحدود ضرباً وقطعاً، وأخذ الواجبات كرهاً، والمحاربة، وإتلاف النفوس والأموال، وغزو البغاة إلى ديارهم، وغير ذلك مما يختص به الأئمة، وهو محظور من غيرهم، فإذا كان الحال هذا فلا يجوز لأحد التسنم لهذا المنصب الأعلى، والمقام الرفيع الأسنى، إلا بدلالة قطعية، وحجة جلية شرعية، وإلا كان قد أقدم على القبيح، وما الله تعالى له غير مبيح.

  ومثل هذا الدليل هو الذي احتجوا به على قصر الإمامة في البطنين لأن الأمة أجمعت على صحتها فيهم واختلفت في غيرهم، فحرم على الغير ادعاؤها، والحوم حولها.

  ومن هاهنا يظهر الجواب عما ذكره السائل من قوله: ودلالة هذين الخبرين صريحة إلا أنهما آحاديان.

  فيقال: إنهما وإن كانا آحاديين فإنما هما بيان مستند المنع، وهو لا يجب، لأن الدليل على المجوز لا على المانع، وكلما أتى به المجوز لإمامين من دليل فهو منقوض:

  أما الإجماع: فمعارض بالإجماع القطعي، الأشهر المروي، ورواية المجوز آحادية لا يعمل بها في الأصول.

  وأما القياس: فلا يصح مع الفارق، لأن العصمة تمنع التنازع في حق الأنبياء، ولأن الوحي يحجرهم عن التعدي، ولأن تكاثرهم مطابق للمصلحة الدينية لما