مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[بيان معنى الأنهضية]

صفحة 163 - الجزء 1

  قصاص أو حد أو غير ذلك مما يفعله الإمام، فإن تركه مراعاة للمصلحة لا يقدح في الأنهضية، وقد رفع الله الجهاد عن رسوله ÷ حتى أمده وتمكن، وكانت مصلحة الجهاد أرجح، وقال تعالى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ}⁣[الأنعام: ١٠٨]، فنهى عن فعل الواجب لخشية المفسدة.

  وقال - ÷ «لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لأسست البيت على قواعد إبراهيم»⁣(⁣١).

  بل قد تكون المسارعة إلى الجهاد في بعض الأوقات خلاف التدبير وخلاف المصلحة فينافي التدبير الذي هو شرط أبلغ من الأنهضية وأعظم.

  وقلنا: والصواب، احترازاً من الأمور التي هي على غير الطريق الشرعية فلا يعد القيام بها أنهضية، ولو بلغت في النفوس أي مبلغ بل تسمى تهافتاً لأن النبي ÷ يقول «ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» ويقول «كلما ليس عليه أمرنا فهو رد»⁣(⁣٢) فما خالف الشريعة فليس بنهوض.

  إذا عرفت معنى الأنهضية فاعلم أن العلماء فيها على ثلاثة أقوال:

  الأول: أنه لا يتنحى لأنه بالسبق بالدعوة وتحمل الأعباء قد صار أفضل أهل زمانه وشاركه في الأنهضية وكملت شروطه، وتحتمت على الكل طاعته، حتى على هذا الآخر يجب عليه أن ينصره ويعينه ويضيف قوته إلى قوته، وفي خلاف هذا مفاسد واضطراب في أمر الإمامة وعدم استقرار شأنها وإخلال بجانب الأول وإفساد عليه فيما قد عمر من المصالح وهذا كلام عظيم وقد قالوا في مسألة


(١) رواه البخاري (١/ ٤٣)، ومسلم - كتاب الحج، باب ٦٩، رقم (٤٠١)، والبيهقي في سننه (٥/ ٨٩)، وأحمد في المسند (٦/ ١٧٩)، وغيرهم.

(٢) سنن الدار قطني (٤/ ٢٧).