[حول قطعية الإمامة وما يترتب عليها]
  والعمل بها، وإماتة البدع وإحياء الفرائض والسنن، ولا شك أنه يجب التعاون بين آحاد المسلمين على ذلك، كما قال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، وعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  لكن لما كان حماة شريعة رسول الله ÷ هم أهل بيته وحفّاظها وورثة الكتاب، كما قال تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}[فاطر: ٣٢]، وكان عهدتهم القيام والذب عنها وتبليغها، كما أهلهم الله تعالى بالقيام بوظيفة جدهم ÷، وكان القائم منهم يختص بأحكام وله مباشرة أمور لا يجوز لغيره من سائر الناس، بها تمام قيام معالم الإسلام، وكان قائمهم قائماً مقام الرسول ÷ إلا فيما يخصه من الأحكام، فمهما استقام على طريقته الذي استخلفه ووجدت فيه صفاته، لا جرم تحتم وجوب إجابته، والمسارعة إلى دعوته، وجعلت تلك الأوصاف شروطاً لمعرفة كماله، ومن شأن الشروط أنه يكتفى فيها بالظن، ولا يحتاج إلى القطع، ولا يقدح ظنيها في قطعي الأصل كالصلاة وغيرها من القطعيات، فلا يقدح في قطعيتها كونه يكفي الظن في القبلة والوقت وبعض الطهارة، وإن كان نفس اشتراط الاجتهاد والتدبير مثلاً في القائم على الجملة قطعياً، لكن وجوده في الآحاد يكفي فيه الظن كما حكينا.
  وقد ينتهي الحال إلى العلم بكماله لكن العلم غير شرط في الابتداء إذ لو كان شرطاً لزم الدور في مثل التدبير والشجاعة والكرم.
  فعرفت أن الذي صيرها قطعية هو الدعاء إلى الله من ذي المنصب المخصوص، وأن الشروط مما يكتفى فيها بالظن كما نظائرها من الصلاة والصوم والحج وغيرها، بل أكثر القطعيات على هذا المنوال.
  ومن هاهنا يظهر فساد ما قيل: إن ما ترتب على ظني فهو ظني على الإطلاق؛ لأنه يقال إلا ما كان من قبيل الشروط فهو يكفي فيها الظن، ولهذا نصوا أنه يجوز