[حول مسألة الإرجاء]
  الصريحة وما وافقها من السنة النبوية الجزم بعدم جواز تخلف الوعيد من الله تعالى، ووافق ذلك قضية العقل بأنها إخبار عما يؤول إليه حالهم، ولو جوزنا تخلف الوعيد لزم الكذب، وهو محال على الله تعالى، وصفة نقص يتنزه عنها.
  فيجب الحكم بأن قولهم $ مطابق لما في الكتاب ولا يخالفه، وإذا وجدنا رواية شاذة لبعضهم تخالف في الظاهر آيات الكتاب وأقوال جماعتهم، وجب تأويلها وردها إلى ما يوافق الصواب، والجمهور والكتاب، كما يجب رد المتشابه من القرآن إلى المحكم، لأنهم قرناؤه وأحد الثقلين الذي وجب التمسك بهما، والشبه بينهما غير خلي.
  وإذا قدر وجود قول لأحدهم لا يمكن تأويله ولا حمله على ما يوافق وكانت روايته قد صحت وجب تحكيم الكتاب عليه، لأنه الثقل الأكبر وبقينا نحن على اتباع الكتاب، والجمهور من العترة على الأصول المقررة.
  وقد بينا أن المقرر في هذا الأصل هو ما ذكرنا من القول بعذاب صاحب الكبيرة وتخليده في النار، لأن أدلته صريحة لا احتمال فيها:
  منها عمومات: مثل قوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٤}[النساء].
  ولا يقال: فد ذكروا أن دلالة العموم ظنية لا سيما إذا قد خص، فهاهنا قد خص بالتائب وخص بالصغائر.
  لأنا نقول: الصحيح أن دلالة العموم في مسائل الأصول قاطعة سواء كان قد خص أم لا، لأن خلاف ذلك يؤدي إلى التلبيس والتغرير، بإطلاق العام وإرادة الخاص من دون نصب دليل.
  وما ذكر من أدلة الإرجاء لا تصلح مخصصة لإجمالها، فوجب التعويل على العام وإن خالف في ذلك من خالف، إذ المعتمد الدليل.
  ولأن الأصل في خطابات الشارع القطع بموجبها سواء عامة أو خاصة في