[حكم تسليم الواجبات إلى الإمام]
  ونكسها على الهامة، ويلزم التمانع والدور، ألا ترى أن الإمام في أول أمره ومبتدأ أحواله، إذا كان لا يجب تأدية حق من حقوق الله إليه إلا بالقهر والإجبار، ولا يتمكن من القهر والإجبار إلا بتأدية حقوق الله إليه، فقد توقف كل من الطرفين على الآخر ودار، وكل رأي يلزم منه الدور فهو رأي أعمى، وركوب دهما.
  هذا دليل عقلي، واضح جلي، وإنما الإمام واحد من المسلمين يجب عليه الدعاء، وعليهم الإجابة، لا يكلفه الله فوق وسعه وطاقته، فهل يجوز لمسلم أن يحقر جانبه ويثبط عن طاعته وإجابته.
  مع أنا نقول المراد بنفوذ الأوامر: نفوذ الدعوة وبلوغها بنحو الرسل والرسائل، كما نقله عن الأئمة السيد العلامة الشرفي في كتابه المسمى ضياء ذوي الأبصار، وأن تفسيره بغير ذلك سهو من أبي طالب #، مأخوذ من كلام مصنف سيرة الهادي # لا غير، بل ذكر الإمام الهادي عز الدين بن الحسن عن بعض الأئمة أن ذلك غلط محض من أبي طالب #، وأن عموم كلام الهادي # يقضي بخلافه.
  قال # في الأحكام ما لفظه: فإن كان في الزمان إمام حق فإليه استيفاء الزكاة كلها، من أصناف الأموال الظاهرة والباطنة، وإلى من يلي من قبله، وله أن يجبر أرباب الأموال على حملها، ويستحلف من يتهم بإخفائها، انتهى كلامه في الأحكام.
  وقال # في مجموعه ما لفظه: والزكاة كلها إلى إمام المسلمين من ولد رسول الله ÷ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣]، ثم أمر خلقه أن يدفعوا ذلك إليه فقال تعالى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا}[الأنعام: ١٤١]، يقول لا تدفعوا إلى غير المحق.
  فإذا عدمت الرعية هذا الإمام ولم يوجد على ظهر الدنيا شرقها وغربها، وجب أن يقسموها في خمسة أصناف، بين الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارم وفي