مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[حكم تسليم الواجبات إلى الإمام]

صفحة 252 - الجزء 1

  قلت: ذكر الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # أن من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقداً جواز الأخذ كان رِدَّةً، لِرَدِّهِ ما علم من الدين ضرورة، وإن أخذ وهو عالم بالتحريم كان فاسقاً.

  قال عز الدين بن الحسن #: وكذا يكون عنده حكم الصارف، إذ لا فرق، ويعضد كلام المنصور بالله ما ذكر الهادي # في وصيته التي خطها عهداً بينه وبين ربه إذ قال: وأشهد أن الجهاد بالنفس والمال أفضل ما تعبد الله به عباده، وأن تاركه بعد ظهور أحد منا أهل البيت كافر بالله جاحد، ولله سبحانه معاند، هذا قول يحيى بن الحسين عليه يموت. انتهى كلامه #، ولم يفصل بين مال ومال وهذا أمر مقلق، فيجب على كل مسلم الانتباه، وسلوك سبيل النجاة.

  ويصحح ما قاله الإمامان @ ما كان من أمر الصحابة في شأن بني حنيفة وأشكالهم الذاهبين إلى ما ذهبوا إليه، وذلك أن بني حنيفة لما مات النبي ÷ امتنعوا من تسليم الزكاة إلى أبي بكر، وقالوا: قال الله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، والخطاب للنبي ÷ وأبو بكر لم يخاطب بالأمر بالأخذ، ولا صلاته سكن لمن أخذ منه، فنحن نفرقها في فقرائنا، والصحابة قد صاروا أغنياء حتى قال قيس بن عاصم المنقري شعراً:

  حبوت بها من منقر كل بائس ... وآيست منها كل أطلس طامع

  وقال قائل بني حنيفة:

  أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فواعجباً ما بال دين أبي بكر

  يورثها بكر لمن كان بعده ... وتلك لعمر الله قاصمة الظهر

  وإن التي سألتموا ومنعتموا ... لكالتمر أو أحلى لدي من التمر