[حكم تسليم الواجبات إلى الإمام]
  فلما كان منهم ذلك استشار أبو بكر الصحابة في شأنهم، فكان من رأي عمر الإمساك عن حربهم وتركهم يصرفونها لمن عندهم، لقوة شوكتهم وقرب عهدهم بالإسلام، وتشدد أبو بكر وقال: والله لا أباقيهم إذاً يصير فعلهم سنة في الإسلام، ولو منعوناً عقالاً - أو قال عناقاً - مما أعطوه رسول الله ÷ لحاربتهم عليه، فصوبه الصحابة وأجمعوا على حربهم.
  وأرسل أبو بكر إلى مجاوريهم من المسلمين ليأخذوا الحذر منهم، ويحفظوا أطرافهم حتى استتم أمره، وبيتهم الصحابة وقتلوهم، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صادق فيما أتى به، وسَبَوهم وقتلوهم، والأذان في مساجدهم، وكان في الصحابة أمير المؤمنين #، وأخذ خولة بنت يزيد أو بنت جعفر سبية، واستولدها محمد بن الحنفية، وكذلك الضهياء بنت ربيعة من بني تغلب واستولدها محمداً آخر ورقية وعمر وغيرهم.
  مع أن إمامة أبي بكر لم تكن مقطوعاً بها، لأنهم لم يثبتوها إلا بدعوى الإجماع، ولم يستقر إجماع مع خلاف بني هاشم، وأفاضل الصحابة، كأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والمقداد، وسعد بن عبادة، وغيرهم، بل قال الإمام الحسن بن علي بن داود #: إن الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر ثلاثون ألفاً، والقائلون بها سبعون ألفاً، لأن جملة الصحابة في الحرمين مائة ألف، رواه عنه القاضي عامر بن محمد الذماري.
  لأن الذين حكموا عليهم بالردة لأجل إنكارهم أن الزكاة إلى الإمام لما عرفوا هذا من دين رسول الله ÷.
  وممن أجمع الصحابة على ردته كندة بحضرموت لسبب يتعلق بالزكاة، وهو أخف وأهون من هذا، وذلك أن زياد بن لبيد | أخذ منهم الزكاة، فخرج في سهم الصدقة ناقة نفيسة تسمى شذرة، فأراد صاحبها إبدالها بجمل آخر، فكره ذلك زياد، فتداعى الأمر إلى الحرب، فقام مع زياد البعض ومع صاحب الناقة البعض، فأجلب