[في صور من البيع يحرم المعاملة بها]
  والمشتري قاصد للتمليك، ثابت له جميع التصرفات بلا شرط ولا رجاء مظهر ولا مضمر، فهذه الصورة قد يقال إنها جائزة، لظهور دخولها في عموم قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥]، و {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}[النساء: ٢٩].
  ومثل تلك الصورة المسؤول عنها مسألة الجربة والجنبية والدلة والسيف والكتاب ونحوها، لا فرق بينها وبين مسألة البندق في أن ذلك توصل إلى الربا وإلى الربح في القرض المحرم بنصوص الشريعة المطهرة.
  وكذلك مسألة الجربة الأخرى التي باعها صاحبها واستأجرها من المشتري في كل سنة أو ثمرة بشيء معلوم من الطعام زرعت أم لا، فلا فرق بينها وبين ما سبق من أنه إذا لم يكن البيع منسلخاً، ولا إرادة المشتري التملك، ولا يثبت له فيها التصرفات فإنه لاحق بتلك الصور مع الإظهار والإضمار، إلا أن تكمل شروط البيع فقد ملكها وله تأجيرها بما شاء زرعت أم لا، إذا لم يبق للبائع فيها حق.
  ومع التحريم لا يجوز ذلك لهما ولا لأحدهما، لأن النبي ÷ قد لعن الربا وبائعه ومشتريه وآكله ومؤكله ... إلخ، فليس لصاحب الدراهم إلا رأس ماله، ويجب عليه رد الربح للبائع إليه، ولو في المدة السابقة، وحكمه مع العلم كالغصب إلا في الأربعة، ومع الجهل كالغصب في جميع وجوهه ما جاء فيهما جاء فيه.
  واعلم أن الحيل على الإطلاق منقسمة إلى قسمين:
  [١] فما كان منها للتوصل إلى إباحة ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، لم يرد عليها نص شرعي فهي محرمة، وتحريمها مأخوذ من لعن المعتدين في السبت، لأنهم أرادوا التوصل إلى تحليل ما حرم الله الذي مضمونه أمان الحوت في السبت، فنصبوا الشباك يوم الجمعة وأخذوها يوم الأحد، وكذلك لعنه ÷ لليهود قال «لعن الله اليهود نُهوا عن شحوم الأنعام فجملوها وباعوها فأكلوا أثمانها» هذا معنى الحديث.