مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في بئر مختلف فيها]

صفحة 292 - الجزء 1

  قراش أو على أمر غير ذلك.

  وقد بينا لكم كلاً وما ادعاه، وما جاء منكم اعتمدناه، وحكمت به {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف]، فالمسألة حادثة على الفور، ولم يظهر لنا فيها الحكم، وهم أناس أهل كد وقصى، وجهد ضعيف، وسامحوا فقد أكثرنا عليكم لا عدمكم المسلمون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  ولفظ الجواب من مولانا أمير المؤمنين حفظه الله تعالى بخط يده الكريمة وعلامته الشريفة، وكما تلقيناه مناولة:

  

  الجواب وبالله التوفيق: أن الكلام في غرامة هذه البير متوقف على معرفة أصلها ليقع العمل في كل شيء بمقتضاه، فلا بد من تقديم البحث عن ذلك، لأن البئر مترددة بين أن تكون وقفاً مسبلاً، أو بيت مال، أو ملكاً لها خاصاً، أو عاماً لأهل المحلة أو بعضهم أو غيرهم، ولا رابع لهذه الثلاثة الأوجه، إذ لا يتصور أن تكون على أصل الإباحة لظهور أثر الملك فيها.

  أما الوقف: فلا يثبت إلا بالبينة أو الشهرة أو إقرار ذي اليد، فإن ثبت أي هذه الأوجه حكم بأنها وقف، وحينئذ إصلاحها يكون مما وقف عليها، أو من مال المصالح إن وجد، وإلا فعل أهل المحلة استحساناً ونظراً في المصالح مع حاجتهم إليها، ويخرج من الغرامة المعسر الذي قد عذره الله تعالى، لأن ليس بوجوب أصلي، وإنما هو نظر فرعي، وتكون الغرامة بين الأغنياء والمتوسطين كل على قدر حاله، وهذا هو العدل المأمور به كما قال تعالى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}⁣[البقرة: ٢٣٦]، وإن كانت الآية الكريمة في سياق النفقات فلهذا شبه بذاك.

  وإن لم يثبت كونها وقفاً حكم بأنها بيت مال، حيث لا بينة لأحد بالملك ولا يد ثابتة عليها، أو نفاها الكل عن ملكهم ولو ثبتت اليد، لأن بيت المال أنواع منها الملك الذي لا مالك له، أو جهل مالكه، أو ينقطع وارثه، أو نفى الملاك ملكهم فيه.