[مسائل هامة في الشركة العرفية]
  الجواب والله الموفق إلى الصواب: أن هذا السؤال قد اشتمل على أطراف، ولا بُدَّ من بيان معنى الشركة العرفية على قاعدة أهل المذهب الشريف أعزه الله حتى يتضح ما ينبني عليها:
  فالشركة العرفية: معناها التكافؤ في الأعمال، بحيث يسدُّ كل واحدٍ من الشركاء في نوع من العمل يتم لهم المصلحة بالمجموع، سواء استوى محصولهم أم اختلف، وسواء كانوا إخوة أم غيرهم، فمرجعها عندهم إلى شركة الأبدان، لكنها لا تفتقر إلى عقد، إذ الجري عليها رضى منهم بالتساوي في المستفاد، وقاعدتهم أن العرف الجاري كالشرط المنطوق به، والعرف باب من أبواب الشرع معمول به ما لم يصادم نصاً ولا نص هنا، وقد قال رسول الله ÷ «ما استحسنه المسلمون فهو عند الله حسن»، فلهذا قالوا يستوون في الربح والخسران.
  وللمتوكل على الله إسماعيل بن القاسم # في هذا كلام جيد يؤيد ما ذكرناه، وعلله بأن التساوي هو العدل المأمور به، واستدل عليه بقوله ÷ «إنما رزقت بمواظبة أخيك على المسجد»(١)، وهذا ينبغي أن يحمل عندهم على أن محافظة المسجد فيها نوع من طلب المعيشة، وإلاَّ فلا شركة، لعدم العمل.
  إذا تقرر هذا فقد استحسنا وافتينا بذيولٍ لهذا الأصل قضى بها النظر والدليل، ويمكن تخريجها لأهل المذهب من جعلهم المناط العرف المستفاد من التراضي عادة:
  منها: أن للذكر مثل حظ الأنثيين، لئلا يزيد الفرع على الأصل في قسمة الأصلي والفرض الشرعي، ولكن إنما يكون ذلك مع جري العرف به كما هو جائز في بعض الجهات كذلك، لأن دخولهم في الشركة مع كونه العرف رضى بالنقص
(١) أخرجه الإمام زيد # في المسند صـ (٢٨٥).