المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسائل الصلاة

صفحة 110 - الجزء 1

  مع أنفسهم، ثم يمضون فيقومون⁣(⁣١) في وجه العدو وتأتي الفئة الأخرى فتقف وراء الأمام وهو في قراءته فيصلي بها الركعة، التي هي له ثانية وهي لهم أولة، ثم يسلم الإمام ويقومون فيصلون الثانية لأنفسهم، ثم يسلمون ويعودون إلى مصافهم، فلما وجدناهم يقصرون صلاتهم عن صلاة الإمام⁣(⁣٢) فيصلون واحدة معه وواحدة مع أنفسهم، ولم يكن هذا يجوز لمصل في غير الخوف أن يقصر صلاته عن صلاة إمامه بحيلة من الحيل ولا في رخصة من الرخص إلا في هذا الموضع موضع الخوف والتلف، علمنا أن الذي أمر الله ø بقصره عند الخوف وأجازه وأطلقه ورخص فيه عند الحاجة هو هذا الموقف، وهي⁣(⁣٣) هذه الصلاة صلاة الخوف، فرخص لهم عند نزول هذه النازلة في أن يقصروها عن صلاة إمامهم فيصلون واحدةً معه وواحدةً مع أنفسهم، فهذا معنى ما ذكر الله من القصر عند الخوف، ولم يرد تبارك وتعالى قصر الأربع إلى الثنتين.

  ومن الحجة في ذلك أن صلاة الخوف بإجماع الناس كلهم لا تكون إلا في سفر ولا تجوز في حضر ولا تكون، فلما أن وجدنا المصلين في وقت الخوف يصلون واحدة مع الإمام وواحدة مع أنفسهم علمنا انهم قد قصروا مقصوراً في الأصل وهي الأربع التي قصرت في الأصل إلى الثنتين، ثم قصرت في صلاة الخوف عن صلاة الإمام، ولو كانت الصلاة في السفر أربعاً غير مقصورة ثم دخل عليها الخوف لكان الواجب أن يقصرها الناس فيصلوا نصفها مع الإمام ونصفها مع أنفسهم، فيصلوا مع الإمام ركعتين ومع أنفسهم ركعتين، فيكون قصر الخوف الذي لا يجوز في غير الخوف من قصر صلاتهم عن صلاة إمامهم، فلما وجدناهم لا يصلون إلا اثنتين وجدنا قصرهم لصلاتهم عن صلاة إمامهم لا يقع إلا ركعتين ولا يتمون


(١) فيقفون. نخ (٥).

(٢) إمامهم. نخ (٥).

(٣) في نخ (٥): وهي في هذه الصلاة.