مسائل الصلاة
  ÷، فبين لنبيه صلاة السفر على لسان جبريل كما بين له على لسانه صلاة الحضر، فأعلمه أن صلاة السفر ركعتان كما كانت الصلاة أَوَّلاً، وأن صلاة الحضر أربع كما جعلت آخراً، وكذلك ذكرت الزكاة مجملة في الكتاب، ثم فسرت على لسان جبريل #(١)، فبين كم هي، ومتى هي، ومن كم هي.
  فجاء من الله شرح القصر في السفر على المعنى الذي جاء منه شرح الإتمام في الحضر على لسان الملك المقرب المذكور لا في الكتاب المنزل المسطور، ثم وجدنا بعد ذلك ذكر القصر في الخوف، ثم وجدنا القاصرين للصلاة في ذلك الوقت عن صلاة إمامهم لم يقصروا إلا ركعة دون ركعة، ولم يتموا إلا ركعتين، وكذلك وجدنا الإمام لم يصل إلا ركعتين، فاستدللنا بصلاة الإمام وإتمام الفئة على ما أراد الله من القصر، فعلمنا أنه لم يرد إلا قصر صلاتهم عن صلاة إمامهم، فرخص في ذلك لهم عند هذا الوقت من مخافة عدوهم، ولو أراد الله سبحانه ما قال به من لم يَرَ القصر في السفر؛ لكان الواجب أن يبين ذكر القصر الثاني، الذي هو قصر من يصلي وراء الإمام لصلاته عن صلاة إمامه؛ لأن هذا أمر استحلته الأمة واستجازته هول عظيم لم يكن ليجوز لخلقٍ ولا لورعٍ أن يفعله إلا بإجازة من الله سبحانه وإطلاق، فلم نجد ذكر قصرين، ووجدنا ذكر قصر واحد، فعلمنا أن الله لم يرد إلا القصر الثاني الذي فيه إباحة هذا المعنى من قصر صلاة الرعية عن صلاة إمامها، وعلمنا أن حال عدد صلاة السفر كان كحال ذكر عدد صلاة الحضر تبلغةً من جبريل إلى نبي الله عن الله، فقد بان بما ذكرنا وشرحنا صدق ما به قلنا، وبطلان ما به قال غيرنا؛ لأن ما قلنا به من طرح ذكر عدد صلاة السفر يمكن أن يكون مبيناً(٢) في غير الكتاب مما أرسل الله ø به جبريل إلى نبيه ÷، كما أمكن أن يكون تبيين عدد صلاة
(١) صلى الله عليه. نخ (٥).
(٢) تبييناً. نخ (٥).