إباحة فرج الأمة
  هي منه، فليس بينهما مقارعة نسب؛ لأنه إنما يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، أرأيت لو أن رجلاً تزوج امرأة فأولدت له ولداً، وكان لها ابنة من غيره وله ابن من غيرها، أليس جائزاً أن يتزوج ابنهُ ابنتها؟
  قلت: بلى.
  قال: أفليس ابنتها أخت ولده منها، فقد تزوج أخت أخيه، وحل له ذلك؛ لأن هذا لا يقارع النسب، فقس ما جاءك من هذا على هذا الباب، وإنما يحرم على هذا الذي شرب من لبن هذه المرأة ولدها وولد ولدها أبداً، فأما أخوه فلا يحرم عليه ذلك.
  قلت: فإن غلاماً أرضعته امرأة بلبن ولدها، ثم أقامت ثلاث سنين، ثم أرضعت جارية بلبن ولد لها آخر، هل تحل هذه الصبية لهذا الغلام؟
  قال: لا؛ لأنهما وإن تفاوت رضاعهما أخوان برضاع المرضع لهما؛ لأن الإخوة بلبن المرضع كالإخوة لولد الأم.
  قلت: فما تقول في المصة والمصتين، والرضعة والرضعتين، هل يكون ذلك في الحولين رضاعاً(١)؟
  قال: نعم، ذلك يحرم كما يحرم كثير اللبن الشهر والشهرين وأكثر من ذلك وقد روي في ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، أن امرأة أتته فقالت: إن ابن أخي أعطيته ثديي فمص منه، ثم ذكرت قرابته فكففت عنه، ثم أنا أريد أن أنكحه ابنتي وقد بلغا، فقال أمير المؤمنين #: (الرضعة الواحدة كالمائة رضعة، لا تحل له أبداً).
  قلت: وكذلك لو أن الصبي لم ترضعه المرأة ولكنها حلبت له في مسعط(٢) من ثديها، وأوجرته الصبي مرة أو مرتين؟
  قال: فكذلك، هذا مثل الرضاع سواء سواء، يحرم به النكاح إذا وصل إلى بطن
(١) في نسخ (٥): رضاعاً في الحولين.
(٢) المسعط: الإِناء يجعل فيه السَّعُوط وَيُصَبُّ مِنْهُ فِي الأَنف. (لسان العرب).