المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الرضاعة

صفحة 256 - الجزء 1

  قلت: فهل لها صداق؟

  قال: لا صداق لها؛ لأن الفسخ جاء من قبلها.

  قلت: فإن أراد زوجها الأول أن يراجعها، هل تحل له⁣(⁣١)؟

  قال: لا يحل له نكاحها؛ لأنها أرضعت الصبي فصارت أمه⁣(⁣٢)، ولا تحل له إلا من بعد زوج يدخل بها ويطأها.

  قلت: فهل تتزوج من ساعتها؟

  قال: نعم؛ لأن الصبي لم يدخل بها، ولا عدة عليها.


(١) في نخ (٥): هل يحل له نكاحها.

(٢) الحمد لله وحده، اعلم أن كلام الإمام الهادي إلى الحق # في المنتخب صريح في تحريم المرأة حيث قال: لأنها أرضعت الصبي ... إلخ أي: فتكون حليلة ابنه، وقوله: ولا تحل له إلا من بعد زوج ... إلخ هو وجه آخر لتحريمها؛ فكأنه قال: مع أنها لا تحل له إلا من بعد زوج، أي: لو لم تكن أرضعت الصبي فهي لا تحل له إلا من بعد زوج؛ فلا يمكن حمله على غير ذلك لأنه قد صرح بعلة ذلك، وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلامه # في الأحكام، حيث قال: فإن أراد زوجها الأول أن يراجعها فلا يحل له نكاحها، أي: لأنها أرضعت الصبي كما نص على ذلك هنا نصاً صريحاً لا يحتمل التأويل، فقد صارت زوجة ابنه من الرضاع، ثم قال #: ولا يجوز له ارتجاعها إذا كان قد طلقها ثلاثاً، ولا تحل له إلا من بعد نكاح زوج ... إلخ، أي: لا يحل له ارتجاعها لو لم ترضع الصبي إذا كان قد طلقها ثلاثاً ... إلخ، فيصير القولان في الأحكام والمنتخب قولاً واحداً، وهذا أولى من حمله على اختلاف القولين، وإن كان جائزاً؛ لكن لا يصار إلى ذلك إلا عند التنافي وعدم إمكان الجمع، ولا يمكن حمل ما هنا على ما في الأحكام؛ لقوله هنا: «لا يحل له نكاحها؛ لأنها أرضعت الصبي»، فهو صريح في أن تحريمها على الزوج الأول لأجل رضاع الصبي؛ لأنها تصير زوجة لابنه، والتحريم هو الراجح لترجيح جنبة الحظر، وهو المذهب، وقول الأكثر، بل لم يظهر فيه قول إلا حمل كلام الأحكام عليه، وقد عرفت اختلال هذا الحمل، ولو كان صحيحاً فقوله في المنتخب هو الأقوى، وليس المنتخب هو المتقدم كما يتوهم، فإنه ابتدأ في تأليف الأحكام في الحجاز، والمنتخب سأله به محمد بن سليمان الكوفي ¤ جميعه في اليمن، فلا معنى للقول بأن الأحكام المتأخرة، إلا أنه يحتمل أن يكون فيه ما هو متأخر، فهذا الذي يظهر، والله ولي الهداية والتوفيق. كتبه المفتقر إلى الله تعالى مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي غفر الله لهم.