المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب العتق

صفحة 305 - الجزء 1

  يحنث البيّع، وإذا جعل الخيار للمشتري وملك المشتري عقدة البيع فلا حنث عليه، والعبد عبده مملوك له ولا يضره قوله: إن اشتريته فهو حر؛ لأن أصل قولنا وقول جميع علماء آل الرسول ÷: إنه لا عتق إلا بعد ملك، ولا طلاق إلا بعد ملك عقدة النكاح، والعامة ترى أن ذلك واجب عند الشراء وعند التزويج، ولسنا نقول بذلك ولا نراه، ولا أحد من علماء أهل بيت نبينا عليه وعليهم السلام.

  قلت: فكيف يعمل البائع وقد باعه؟

  قال: يشتريه من صاحبه ولو بأضعاف ثمنه، ثم يعتقه.

  قلت: فإن أبى المشتري، هل يجبر على رد العبد؟

  قال: لا؛ لأنه قد ملكه، ولكن نقول له: يشتري عبداً مكانه بقدر ثمنه فيعتقه.

  قلت: ولم لا يجبر المشتري على البَيِّع وقد لزم البيع العتق وحنث في قوله؟

  قال: لا سبيل على المشتري للبيع؛ لأنه إنما اشترى عبداً لا حراً، وملك الشراء قبل حنث البَيِّع؛ لأنه إنما يحنث من بعد نفاذ البيع، وقد توسط اشتراء المشتري وملك العبد قبل الحنث والبيع فقد باع قبل الحنث وملك المشتري العبد؛ لأن شراءه صحيح، ولا سبيل للبيع على العبد ولا على المشتري، ومثل ذلك مثل رجل قال: إن بعت ثوبي هذا فهو للمساكين فباعه، القول في ذلك: أن البيع صحيح، والثوب للمشتري، ويقال للبائع: اشتره واجعله للمساكين، فإن باعه إياه المشتري جعله للمساكين، وإن لم يبعه إياه وجب عليه أن يجعل ثمنه للمساكين، فقياس العبد هو كقياس هذا الثوب.

  قلت: فإن قال المشتري: لله علي نذر إن أنا اشتريت هذا العبد أن أعتقه فاشتراه؟

  قال: إذا ملك عقدة البيع فقد وجب عليه عتقه، ولا يحل له ملكه.

  قلت: فما الفرق بين هذين المعنيين؟

  قال: هذا أمر جعله لله، فعليه الوفاء لله بما جعل له وذلك قول قاله وشيء لا يجب عليه جعله على نفسه فالحق أولى، ألا ترى أنه حين قال: إذا اشتريته أو إن