المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب فيمن حلف بالطلاق فحنث وهو لا يعلم

صفحة 317 - الجزء 1

  وأما العقد من الأيمان: فهي ما حلف⁣(⁣١) عليه الحالف أن لا يفعله أو أقسم أن يفعله، وهو عازم على التمام على يمينه والوفاء، ثم رأى أن غير ذلك خير منه ففعله، فعليه في تلك كفارة اليمين.

  قلت: ولأي علة كفرت هذه اليمين ولم تكفر الأولتين⁣(⁣٢)؟

  قال: أما اللغو فلعلة أن الله تبارك وتعالى قال: {لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ}⁣[البقرة: ٢٢٥]، فلم يوجب عليه في اللغو كفارة، وأما كسب القلب التي هجم عليها وهو كاذب فيها متعمد لكذبه مجترئ على الله جل وتعالى فيها فلا يجب عليه فيها كفارة؛ لأنه حلف على ما يعلم أنه خلاف ما حلف عليه اجتراءً على الله في ذلك، وهذه أعظم الأيمان إثماً.

  وأما عقد القلب فلقول الله ø: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ}⁣[المائدة: ٨٩]، إلى آخر الآية فأوجب في الكفارة إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.

  قلت: فكم يطعم كل مسكين أو يكسوه، بين لي ذلك حتى أفهمه إن شاء الله؟

  قال: يطعم كل مسكين منهم نصف صاع من حنطة أو دقيق غداءه وعشاءه النصف الصاع لا غيره، مأدوماً بأوسط الأدم من أوسط ما يطعم أهله.

  قلت: وما معنى: {مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِيكُمۡ}⁣[المائدة: ٨٩]؟

  قال: يطعم مما يأكل هو وعياله، إن أكل براً فبراً لكل مسكين نصف صاع كما ذكرنا غداءه وعشاءه، وإن أكل شعيراً أو ذرة أو تمراً فصاع صاعٌ لغدائه وعشائه وأدمه.


(١) يحلف. نخ (٥).

(٢) الأوليين. نخ.