المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب في بيع الغائب

صفحة 331 - الجزء 1

  قلت: وما الغرر فيه؟

  قال: لأنهما يتبايعان شيئاً لا يدريان أيظفر به من يشتريه أم لا.

  قلت: فإن كان قد ضبط في بلد بعيد أو قريب وكتب ضابطه إلى صاحبه بضبطه له، هل يجوز بيعه؟

  قال: لا، حتى يحضره فيقبضه عند الصفقة.

  قلت: ولم فسد ذلك وهو ملزوم؟

  قال: أرأيت إن مات أو أفلت فأبق قبل أن يقبضه المشتري أو وكيله، على من يكون الضمان؟

  قلت: على البائع.

  قال: فلذلك أفسدنا البيع.

باب في بيع الغائب

  قلت: فما تقول في رجل اشترى من رجل بالكوفة عبداً له بمكة وقد رآه وأبصره وعرفه؟

  قال: لا يقع البيع حتى يقبضه المشتري أو وكيله، ولا يبرأ البَيِّعَ من ضمانه حتى يقبضه المشتري، ثم قال لي: دع عنك الغائب، ما تقول في رجل اشترى منك الساعة عبداً لك، والعبد عنكما غائبٌ في بعض منازلك، فأوقعتما الثمن ثم طلبته لتسلمه إليه فوجدته قد مات، على من تدخل مصيبته، ومن تلزم قيمته؟ قلت: البائع يلزمه ذلك كله ما لم يسلمه ويقبضه المشتري. قال: وكذلك الأقصى لم يزده بُعْدُه إلا تأكيد حجة.

  قلت: وكذلك لو باع عبداً قد اغتصبه إياه رجل، هل يفسد البيع أم لا؟

  قال: هذا كغيره بيع لا يجوز؛ لأن كل شيء باعه صاحبه فعليه أن يسلمه إلى المشتري، وما لم يسلم من كل ما بيع فبيعه غرر باطل لا يجوز.