[المقدمة]
  التمكين إلى ما هو فيه من الظلم ولا يأمر باتباعه بل ينهى عن اتباع الظالمين، والركون إليهم بقوله: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ}[هود: ١١٣].
  ومن الدلالة أيضاً على ما ذكرنا من إمامة يحيى بن الحسين قول الله تبارك وتعالى: {أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٥}[يونس]، فأمر باتباعه واتباع من كان من قبله من الأئمة الذين فيهم الصفة التي قدمناها، ونهى عن اتباع الجاهل الذي لا يهتدي إلا أن يهدى.
  وقال أيضاً: {وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَآ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ ١٨١}[الأعراف]، والأئمة فهم الأئمة العادلون يشهد بذلك الكتاب من قول الله ø لإبراهيم #: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ}[البقرة: ١٢٤]، ثم قال: {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ}[النحل: ١٢٠].
  وكذلك قال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣}[الأنبياء]، فذكر الله ø أنه جعل ممن خلق أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، والعدل فإنما هو فعل الهادي الذي وصفه الله ودل عليه بصفة فعله في كتابه، وكذلك أيضاً قال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا}[الأنبياء: ٧٣]، فكل هذه دلائل بصفات أفعال الأئمة الذين أمر الله ø باتباع من كان على هذه الصفة.
  ونهى في كتابه عن اتباع الأئمة الظالمين، وأمر بقتالهم فقال: {وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ ٧٧}[المائدة]، وقال: {فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ}[التوبة: ١٢]، وقال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ٤١}[القصص]، فهذان إمامان مسميان في كتاب الله ø، سماهما الله ونسب كل واحد منهما إلى فعله، فأمر باتباع الهادي منهما إلى الله(١) والداعي إليه، ونهى عن اتباع الداعي إلى الهوى والظلم، وأمر
(١) في نخ (٥): إلى أمره.