المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المقدمة]

صفحة 37 - الجزء 1

  التمكين إلى ما هو فيه من الظلم ولا يأمر باتباعه بل ينهى عن اتباع الظالمين، والركون إليهم بقوله: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ}⁣[هود: ١١٣].

  ومن الدلالة أيضاً على ما ذكرنا من إمامة يحيى بن الحسين قول الله تبارك وتعالى: {أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٥}⁣[يونس]، فأمر باتباعه واتباع من كان من قبله من الأئمة الذين فيهم الصفة التي قدمناها، ونهى عن اتباع الجاهل الذي لا يهتدي إلا أن يهدى.

  وقال أيضاً: {وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَآ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ ١٨١}⁣[الأعراف]، والأئمة فهم الأئمة العادلون يشهد بذلك الكتاب من قول الله ø لإبراهيم #: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ}⁣[البقرة: ١٢٤]، ثم قال: {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ}⁣[النحل: ١٢٠].

  وكذلك قال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣}⁣[الأنبياء]، فذكر الله ø أنه جعل ممن خلق أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، والعدل فإنما هو فعل الهادي الذي وصفه الله ودل عليه بصفة فعله في كتابه، وكذلك أيضاً قال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا}⁣[الأنبياء: ٧٣]، فكل هذه دلائل بصفات أفعال الأئمة الذين أمر الله ø باتباع من كان على هذه الصفة.

  ونهى في كتابه عن اتباع الأئمة الظالمين، وأمر بقتالهم فقال: {وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ ٧٧}⁣[المائدة]، وقال: {فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ}⁣[التوبة: ١٢]، وقال: {وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ٤١}⁣[القصص]، فهذان إمامان مسميان في كتاب الله ø، سماهما الله ونسب كل واحد منهما إلى فعله، فأمر باتباع الهادي منهما إلى الله⁣(⁣١) والداعي إليه، ونهى عن اتباع الداعي إلى الهوى والظلم، وأمر


(١) في نخ (٥): إلى أمره.