باب السلم
  قلت: فهذا قد أسلم في أكثر من سعر يومه؟
  قال: وما يضره من ذلك، وإنما هو إلى أجل، ولعل الطعام إذا حل الأجل يكون أكثر من عشرة أقفزة بدينار، فهما جميعاً لا يعلمان كيف يكون سعر الطعام يوم حلول الأجل، فلذلك جاز السلم.
  قلت: فإن رجلاً أسلم ديناراً في عشرين رطلاً سكراً أو عشرين ذراعاً من ثوب قد عرفاه جميعاً، أو في قفيز زبيب أو ما أشبه ذلك، فلما حل الأجل عسر على المسلم إليه ذلك الصنف الذي أسلم إليه فيه، فقال الرجل الذي أسلم إليه: ليس عندي سكرٌ أو ليس عندي ثوب، فخذ مني بما أسلمت إلي براً أو شعيراً أو صنفاً غير الصنف الذي أسلم إليه فيه، فأخذ المسلم إليه بدل السكر براً يسوى أقل مما يجب له في السكر، وكذلك لو أخذ منه تمراً أو ما يشبهه بدلاً من الصنف الذي أسلم إليه فيه ولم يجاوز ثمن الصنف الذي استحقه عند حلول الأجل؟
  قال: لا يجوز، إلا في الصنف الذي أسلم إليه بعينه.
  قلت: فإن الرجل الذي أسلم لما كان قبل حلول الأجل بأيام قال للرجل الذي أسلم إليه: أنا أضع عنك بعض حقي، وادفع إِليَّ الذي لي، فرضي بذلك المسلم إليه، هل يجوز أن يدفع إليه ويطرح بعض حقه؟
  قال: نعم ذلك جائز إذا رضيا به جميعاً.
  قلت: فإن الذي أسلم إليه لما جاء الأجل عسر عليه الحق، فقال للذي أسلم إليه: أجلني إلى أجل كذا وكذا وأزيدك على ما لك عندي كذا وكذا، هل يجوز هذا؟
  قال: هذا الربا بعينه، لا يجوز ذلك.
  قلت: فإنه لم يزده الذي أسلم إليه شيئاً، ولكنه قال له: قد عسر علي حقك فأنظرني شهراً أو أقل أو أكثر، فأنظره بلا ازدياد عليه، هل يبطل السلم؟
  قال: وما يبطل السلم من ذلك، وإنما هذا من الذي أسلم إليه إحسان حين أنظره ولم يضيق عليه.