المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المقدمة]

صفحة 41 - الجزء 1

  علي وفاطمة والحسن والحسين، هؤلاء قرابتي»، ثم أكد رسول الله ÷ على الأمة ما أمره الله به في أهل بيته فقال فيما روى عن⁣(⁣١) يحيى بن عبدالحميد أيضاً عن رسول الله ÷ أنه قال لأمته: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»، وفيهم مما قال رسول الله ÷ ما لو كتبناه لطال به الكتاب، وفي هذا ما يجزي إن شاء الله أن الإمامة فيهم خاصة؛ لقول الله تبارك وتعالى لأمة محمد بأسرها على لسانه: {فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل]، والذكر فهو القرآن لقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ}⁣[الحجر: ٩]، وأهل الذكر فهم أهل بيت محمد الذين هم ورثة الكتاب وخزنة العلم ومختلف الملائكة.

  فإن قال: قد أوجبت الحجة بأن الإمامة⁣(⁣٢) في أهل بيت محمد، وأهل بيت محمد فعلماؤهم كثير، فمن أين أوجبتم أن الإمامة في يحيى بن الحسين ¥ دون غيره؟

  قلنا: إنا لم نقل إن الإمامة في يحيى بن الحسين دون من قام منهم قبل قيام يحيى بن الحسين، وإنما أوجبنا له الإمامة في هذا العصر الذي قام فيه كما وجبت لمن قام قبله⁣(⁣٣) وأظهر نفسه، وشهر سيفه، وبذل مهجته في العصر الذي قام فيه؛ لأن الإمامة لا يستحقها إلا من أظهر علامات الإمامة، وعلامات الإمامة فمعروفة عند العلماء.

  فإن قال: وما علامة⁣(⁣٤) الإمامة التي يستوجب بها من كانت فيه الإمامة؟

  قيل له: أن يكون الإمام أعلم أهل زمانه، يحتاج إليه جميع الناس في العلم ولا يحتاج إليهم، مع ورعه، وشجاعته، وأمانته على أموال الله، فلم نر أحداً في عصرنا هذا أظهر نفسه وشهر سيفه وبذل مهجته وبان منه الورع والشجاعة والأمانة إلا


(١) نخ.

(٢) وفي نسخة (١ و ٥): أن الإمامة.

(٣) من قبله. نخ (٥).

(٤) علامات. نخ (٥).