باب الإجارة
  وقال الذي وصلت إليه الأحمال: لا، بل كرى الناس كذا وكذا بدينار، أقل مما قال الحمال، فسألا أهل العير، فاختلف القول في ذلك، فقال بعضهم: خرج الكرى ثلاثمائة بدينار، وقال بعضهم: خرج الكرى مائتين بدينار واختلفوا في ذلك، ما يجب؟
  قال: ينظر في ذلك إلى الوسط ما بين أعلى الكرى وأدناه فيحكم بذلك.
  وسألته عن رجل دفع إلى رجل جمالاً أو حميراً أو بغالاً أو غير ذلك مما يحمل عليه من الحيوان، وقال له صاحب الدواب: أكرني هذه الدواب من صعدة إلى مكة، أو من حيث استوى لك الكرى إلى بلد - ولم يحظر عليه من بلد إلى بلد - على أن لك من جميع ما أكريت به هذه الدواب سدس الكرى أو ربعاً أو ثلثاً أو شيئاً سمى له على أن علف الدواب على صاحبها مما له من الكرى، وعلى أن الرجل يقوم على هذه الدواب ويعلفها ويشد عليها إلى البلد الذي أكراها إليه ذاهباً وراجعاً، فأخذها الرجل وأكراها من بلد إلى بلد فأخذ ربع كرائها، فلما كان في بعض الطريق أخذت الجمال كلها أو بعضها، ما يجب في ذلك؟
  قال: يكتري الذي دفعت إليه الجمال على الأحمال من جميع الكرى الذي لصاحب الجمال وللمستأجر عليها، وقد قال غيرنا: إن هذا لا يجوز، ولسنا نلتفت إلى قوله، وهو عندنا جائز؛ لأن الغرر لو كان لكان على صاحب الجمال، وعلى المستأجر عليها، فجاز هذا؛ لأن الغرر عليهما جميعاً.
  قلت: فإن الرجل الذي له الجمال أكراها قبل أن يدفعها إلى الرجل وقبض كراها، ودفع إلى الرجل ربع الكرى وأعطاه باقي الكرى أو بعضه، فقال: أنفق من هذا على جمالي فلما كان في بعض الطريق وقف بعض الجمال أو مات، واكترى(١) الذي معه الجمال على الحمل الذي كان على الجمل الذي وقف أو مات إلى البلد الذي اكترى إليه، فلما رجع قال له صاحب الجمال: لم آمرك بهذا، ما يجب في ذلك؟
(١) فاكترى. نخ (٥).