المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

في الحمار إذا اكتري

صفحة 452 - الجزء 1

  يرضه، أليس كان البيع فاسداً باطلاً.

  قلت: ولم يبطل وهو شبه بالسلم؟

  قال: ليس هذا مثل السلم؛ لأن السلم إنما يسلم في بر معروف بمكيال معروف، إلى أجل معروف، فيصح السلم بهذه الشروط هذا البيع فلم يكن له من هذه الشروط شيء، وكذلك الجمال ليس لها صفة معروفة ولا معنى معروف يصح به الكرى، ففسد الكرى من هذا المعنى.

  قلت: فإن المكري قال للمكتري: أكريك عشرة محامل أو عشرة أحمال على أن أشتري جمالاً، هل يجب للمكري⁣(⁣١) إذا شرط للمكتري هذا الشرط أن يشتري له جمالاً؟

  قال: نعم، إذا رضي بذلك المكتري وكان المكري قد قال للمكتري: ليس عندي جمالاً وأنا أكريك على كذا وكذا حملاً بكذا وكذا على أن أشتري الجمال، فرضي المكتري بذلك، وجب على المكري أن يشتري الجمال غلت أو رخصت.

  قلت: فإن قال المكري: ليس لي في هذا الكرى فضل؟

  قال: لا يلتفت إلى قوله، وعليه أن يشتري الجمال.

  قلت: فإنه لما أخذ الكرى وقبضه طلب جمالاً يشتريها فلم يجد جمالاً يشتريها، هل ينفسخ الكرى إذا لم يجد؟

  قال: نعم.

  قلت: ولأي علة ينفسخ الكرى إذا لم يجد؟

  قال: لأن الجمال لم تكن عنده، وإنما قال له: أكريك على أن أشتري جمالاً، وقد علم المكتري أنه لم يكن عند المكري جمالاً فيقدم على معرفة، فلما لم يجد الجمال جمالاً انفسخ الكرى لما تقدم من علمه، وللشرط الذي كان تقدم من الجمال.


(١) في طبعة دار الحكمة: على المكري.