باب في خنوع الجمال أو المكتري
  قلت: فإن مات؟
  قال: ينظر في ذلك، فإن كان هذا اللبن يتلف الصبيان بموت - وذلك معروف عند الناس - وجب عليها القود؛ لأنها قد تعمدت ذلك، إذا كن المرضعات يعرفن أن الصبيان يتلفون من ذلك، وعرف منها التعمد لما فعلت.
  قلت: فإن ادعت أنها لم تعلم أن ذلك مما يتلف الصبيان، وقال الناس: أما هذا اللبن فأكثر الصبيان يسلمون منه، فإذا فعلت ذلك استحلفت ما تعمدت ثم كان عليها الدية.
  قلت: عليها في نفسها أو على عاقلتها؟
  قال: على العاقلة؛ لأن ذلك خطأ.
باب في خنوع الجمال أو المكتري
  وسألته عن رجل اكترى من رجل جملاً من المدينة بدينارٍ على أن يحمله حملاً له من مكة بهذا الدينار، واشترط الجمال على المكتري أنه إذا وصل مكة فخنع به المكتري أو تركه ولم يحمله أن له عليه هذا الدينار، هل يجوز للجمال هذا الشرط، ويجب له هذا الكرى؟
  قال: نعم؛ لأنه قد غره وقاد جمله إلى الموضع.
  قلت: فإن كان الجمال هو الذي خنع بالمكتري لما وصل إلى مكة، وقد اشترط عليه المكتري أيضاً إن خنع به فله عليه مثل أجرة الجمل، هل يجب أيضاً للمكتري هذا الشرط؟
  قال: لا، هذا شرط باطل.
  قلت: فما الفرق بين هذا والأول؟
  قال: لأن المكتري في الأول غر الجمال حتى قاد جمله فلزمه الكرى عند ذلك، حمل عليه أو لم يحمل، إذا وقع الشرط على ذلك، وأما الجمال فلم نوجب عليه شيئاً؛ لأنه لم يحمل ولم يتلف شيئاً فيضمن، ولكن نوجب عليه الأدب بفعله وخنعه