المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب القول في إجارة الأداة

صفحة 461 - الجزء 1

  قلت: ولم؟

  قال: لأنه إنما أكراه الآلة وهو يعلم أنه يعمل بها، والعمل فربما أتلف الآلة في كسر وغيره.

  قلت: فإذا انقضت إجارة الآلة على من أجرة ردها إلى صاحبها؟

  قال: على المكتري أن يردها إلى صاحبها من حيث أخذها منه، إلا أن يكون اشترط على صاحبها أن عليه حملها عند انقضاء الأجرة.

  وسألته عن رجل استأجر من جمال لنفسه على أن يحمله من بلد إلى بلد، فحمله الحمال ميلاً أو منزلاً أو ما أشبه ذلك، فلما نزلوا مضى المكتري يتطهر لصلاة أو يبول، أو في بعض حوائجه، ورحل الناس فرحل الجمال مع الناس وقد طلبه فلم يجده، فلما أتى البلد طالبه الجمال بالكراء هل يجب له؟

  قال: لا يجب له عليه شيء.

  قلت: ولم؟

  قال: لأنه كان يجب على الجمَّال انتظاره حتى يأتي من حيث كان، ويطلبه حتى يحمله؛ لأنه قد أوجب ذلك على نفسه بكرائه له، وإنما ذلك مثل الحمل الذي قد أكرى⁣(⁣١).

  قلت: فإن كان الرجل المكتري هو الذي مضى وترك الجمَّال، وصح ذلك عليه، هل يجب عليه الكرى؟

  قال: نعم؛ لأنه اكترى منه ثم ذهب هو، ولم يكن بسبب من الجَمَّال؛ فلزمه الكرى.


(١) أكراه. نخ (٥).