[أصول المعرفة التي لا يجوز لأحد أن يجاوزها]
  قلت: فإني قد فهمت ما أجبتني به في التوحيد وإثبات النبوءة والإمامة، وأنا أريد أن أسألك عن أصول الحلال والحرام في جميع الفقه، فإني قد وطئت علوم العامة، وعلوم عامة الخاصة، فوجدتهم مختلفين كما ذكرت لك؟
  فقال لي: إذا كنت قد قدمت النية في طلب العلم(١) وفرغت قلبك للمسائل عن الحلال والحرام، فافهم ما أقدمه لك من الشرط فيما تسألني عنه.
  قلت: نعم إن شاء الله، أنا أجمع همي(٢) في ذلك.
  قال: فلا تقبل مني جواب مسألة أنبئك عنها أو أجيبك فيها بتقليد ولا اتكال على ما تعرفه مما قد خصني به في العلم ربي دون أن تسألني عن الحجة وحجة الحجة، حتى ينتهي بك ذلك إلى أصول المعرفة التي لا يجوز لأحد أن يجاوزها.
[أصول المعرفة التي لا يجوز لأحد أن يجاوزها]
  فقلت: وما أصول المعرفة التي لا ينبغي لأحد أن يجاوزها عند بلوغها؟
  فقال: هي المعاني التي من طلب مجاوزتها خرج إلى حد المكابرة والملادة(٣) وإلى طلب جواز ما أوقفه الله عليه ومنعه من التجاوز له.
  قلت: وما ذلك الذي منع الله العباد عن مجاوزته؟
  قال: هو ما رضيه لهم، وأوقفهم عليه، وجعله منتهى حججهم وغاية مناظرتهم، فجعله شاهداً لمن استشهد به، وقائلاً بالحق لمن سأله، وناطقاً بالصدق لمن صدقه، فمن جاوزه بعد معرفته [به](٤) فقد خرج إلى حد الجهل، وقصر عن حد العلم، فصار طالباً لما لا يجده، ومستشهداً لغير العدل من شهوده، ومن كان كذلك وصار إلى شيءٍ من ذلك فقد ارتطم في بحور الجهالات، وخرج إلى غاية
(١) العلوم. نخ (٥).
(٢) همتي. نسخة (٥).
(٣) في نخ: والبلادة.
(٤) زيادة من نخ (١) و (٥).