المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المياه الصالحة للطهارة]

صفحة 55 - الجزء 1

  قلت: ولِمَ؟

  قال: لأن اللهَ حَرَّم قليل ذلك وكثيرَه؛ فإذا وقع في الماء القليل شيء من ذلك لم يجز التطهر به.

  قلت: فإنه وقع في الماء الذي أراد أن يتطهر به شيءٌ من بول بغل أو حمار أو كلب أو فرس أو ثورٍ أو شاة أو شيءٍ من البهايم؟

  قال: أما بول جميع ما أُكِل لحمه فلا ينجس الماء الطَّهُور ولا الشرب، وأما ما كان من البهائم لا يؤكل لحمه فبوله نجس، لا أرى الطهور بما وقع فيه منه شيء.

  قلت: وكذلك أيضاً سور الحمار وما أشبهه من البهائم التي لا يؤكل لحمها؟

  قال: إذا وجد في الماء من لعابها شيء قد خالط الماء لم أحب أن يتطهر به، وإذا كثر الماء لم يضره، ولم ينجسه شرب الداوب التي لا يؤكل لحمها.

  قلت: فهل يتطهر بماء البحر؟

  قال: نعم، هو الطَّهُور ماؤُه، لا اختلاف عند علماء آل الرسول $ في ذلك.

  قلت: فإن رجلاً أصابته جنابة ومعه مائة رطل ماء ورد أو أكثر أو أقل، هل يجزيه أن يغتسلَ به؟

  قال: ليس ماءُ الوردِ من ماء الطَّهُور في شيء، ولا يجوز الغسل به، وإنما عليه التيمم.

  قلت: فإن الجنب لم يجد إلا ماء عصفر، أو ماءً فيه زعفران، أو ماء مستعملاً بمعنى من المعاني، هل يغتسل به أو يتوضأ للصلاة إذا لم يكن جنباً إن لم يجد ماء غيره؟

  قال: لا يجزي في الطَّهُور والغسل من الجنابة إلا ماء القراح وإلا فالتيمم بالصعيد.

  قلت: ولم لا يجوز؟

  قال: لقول الله تبارك وتعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}⁣[النساء: ٤٣]، والماء الذي أمر الله بالطهور به فهو ماء القراح الذي لا يخالطه شيء من غيره، فيغلب عليه اسمه.

  قلت: بين لي ذلك؟